قضايا ودراسات

«إسرائيل» تفرض الفصل العنصري على الفلسطينيين

شارلوت سليفر
ذكر تقرير أصدرته وكالة تنسيق المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة «أن الاحتلال يحرم الفلسطينيين السيطرة على الجوانب الأساسية للحياة اليومية، سواء كانوا يعيشون في قطاع غزة أو في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية».
وقال رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ديفيد كاردن: «إن الأزمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في جوهرها، أزمة انعدام الحماية للمدنيين الفلسطينيين- من العنف، ومن التشريد، ومن القيود على الوصول إلى الخدمات وسبل العيش، ومن انتهاكات الحقوق الأخرى- مع تأثير غير متناسب في الأطفال، الأشدّ ضعفاً، بوجه خاص».
وتتسم تلك الأزمة بالحدّة الآن على وجه الخصوص في قطاع غزة، حيث أدى غياب الكهرباء، علاوة على الحصار «الإسرائيلي» القائم منذ 10 سنوات، والاعتداءات العسكرية «الإسرائيلية» المتعاقبة إلى بلوغ الأزمة حافة الانهيار.
وقد شهد الفلسطينيون عام 2016 أكبر عدد من عمليات الهدم «الإسرائيلية» للمنازل والمباني الأخرى منذ أن بدأت الأمم المتحدة الاحتفاظ بسجلات عام 2009.
وكان عدد المنشآت الممولة من قبل المانحين، التي هدمتها «إسرائيل» غير مسبوق أيضاً، ويقارب ثلاثة أضعاف العدد في العام السابق.
وتمّ تشريد ما مجموعه 1601 إنسان بسبب عمليات الهدم، وحوالي نصفهم من الأطفال. وقد خسرت أغلبيتهم منازلها بذريعة أنها بُنيتْ دون تراخيص بناء من سلطات الاحتلال «الإسرائيلية»، التي يكاد يستحيل حصول الفلسطينيين عليها. ولكن 156 شخصاً شُرِّدوا وأصبحوا بلا مأوى في عمليات هدم عقابية، أو نتيجة لختم منازلهم ومنعهم من دخولها.
وفي عام 2014 استأنفت «إسرائيل» ممارسة العقاب الجماعي لكامل عائلة الشخص الذي يُتهم بهجوم على «إسرائيليين»، وهي سياسة تتسارع منذ ذلك الوقت.
وسياسة «إسرائيل» الانتقامية ضدّ أفراد أسَر الأشخاص المتهمين، مقصورة على الفلسطينيين، ولم تطبّق أبداً ضدّ المستوطنين اليهود في الضفة الغربية. وتخلق عمليات الهدم «الإسرائيلية» «بيئة قمعية» تؤدي إلى النزوح القسري، و«الترحيل المفروض بالقوة»، كما تقول الأمم المتحدة.
وفي الوقت ذاته، تستمرّ إعادة الإعمار في غزة في مواجهة عقبات رئيسية. وبنهاية عام 2016، لم يكن قد أعيد بناء غير 22% من المنازل التي دُمرت أثناء العدوان العسكري «الإسرائيلي» عام 2014، والتي أودت بحياة أكثر من 2200 فلسطيني.
ولا تزال 9 آلاف عائلة- أكثر من 47 ألف فرد- مشردة دون مأوى.
وتقول الأمم المتحدة إن كمية الأسمنت المسموح بدخولها إلى غزة بعيدة جدّاً عن الوفاء بالحاجة، ممّا يؤدي إلى المعاناة المستمرة لهذه العائلات.
وقد اتهم خبراء قانون فلسطينيون وعالميون في السابق وكالات الأمم المتحدة بالتواطؤ مع الحصار «الإسرائيلي» غير الشرعي، بالمشاركة فيما يُسمّى آلية إعادة إعمار غزة، التي تفرض «إسرائيل» من خلالها قيوداً صارمة على استيراد لوازم البناء.
كما تحرم «إسرائيل» بصورة متزايدة، الموظفين الفلسطينيين لدى الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات، من إذن دخول غزة. وقد حُرم نحو ثلث المتقدمين بطلبات دخول عام 2016، في ارتفاع عن العام السابق، حيث كانت النسبة 4% فقط.
وانخفض عدد الأشخاص الذين قتلتهم «إسرائيل» في غزة والضفة الغربية عام 2016. في الضفة الغربية قُتل 99 فلسطينياً، كما تقول الأمم المتحدة، ثلثهم من الأطفال. وقُتل 36 فلسطينياً في منطقة الخليل و26 شخصاً في القدس.
ولكن الأمم المتحدة لا تعزو هذا الانخفاض إلى أي تغيّر إيجابي في سلوك «إسرائيل»، وتشير إلى مخاوف من أن القوات «الإسرائيلية» لا تزال مسؤولة عن عمليات إعدام خارج نطاق القانون عندما لا يشكل الفلسطينيون أي تهديد.
ويقول رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ديفيد كاردن، «بينما تختلف الاتجاهات من عام إلى آخر، يستمر النقص الواسع في الحماية، وفي محاسبة انتهاكات القانون الدولي».
ويشير التقرير أيضاً إلى أن السلطات «الإسرائيلية» امتنعت عن اتخاذ أي خطوات باتجاه المساءلة عن وفيات المدنيين في غزة خلال ثلاث سنوات بعد عدوان 2014: «الإفلات من العقاب يحرم الضحايا والناجين من العدالة والتعويض اللذين يستحقونهما، ويمنع ردع الانتهاكات في المستقبل».
وفي وقت سابق من هذا العام، وجد تقرير من وكالة أخرى للأمم المتحدة «بما لا يدع مجالاً للشك»، أن «إسرائيل» فرضت على كامل الشعب الفلسطيني، نظاماً ينطبق عليه التعريف القانوني للفصل العنصري- وهو يشكل إحدى الجرائم الكبرى المدرجة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ودعا ذلك التقرير إلى اتخاذ إجراءات فعالة لإجبار «إسرائيل» على احترام حقوق الفلسطينيين، بما في ذلك تأييد حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات. ولكن، بدلاً من ذلك، سارع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس إلى سحب التقرير، بضغط من الولايات المتحدة.
ومع دخول الاحتلال عامه الحادي والخمسين، لا توجد علامة تدلّ على أن أي حكومات- أو الأمم المتحدة نفسها- تأخذ على محمل الجدّ التزاماتها الخاصة بإنهاء تواطئها في انتهاكات«إسرائيل» والبدء في مساءلتها.

* صحفية أمريكية، مقرّها سان فرانسيسكو والضفة الغربية.
موقع: «إلكترونيك انتفاضة»


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى