قضايا ودراسات

«إسرائيل».. جرائم لا تسقط بالتقادم

هاشم عبدالعزيز

كعادتها، تواجه قوات جيش الاحتلال الصهيوني مسيرات العودة، التي ينظمها الفلسطينيون منذ أشهر، في قطاع غزة بوابل من الرصاص، ففي الثاني عشر من سبتمبر/ أيلول الماضي، أطلقت هذه القوات النار على المتظاهرين، أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من الأبرياء العُزل، وفي الثالث عشر من الشهر الجاري، أقدمت العصابات الإرهابية العنصرية من مستوطنين مدعومين من جيش وأمن الاحتلال في الضفة الغربية على قتل أم لثمانية أطفال وإصابة زوجها بجروح مميتة، وبين ما حدث في الضفة والقطاع تدور ماكينة الإبادة الصهيونية المستهدفة للفلسطينيين ليل نهار، ينال منها الأطفال النصيب الأوفر.
ما يجري صهيونياً ومنذ قرابة 70 عاماً ليس غريباً، لكن المثير للاستغراب يكمن في التعاطي الدولي مع ما يجري ضد الفلسطينيين، كما لو أنه أمر طبيعي غير قابل للردع والاستنكار والانتصار للحق والعدل ولا يرتبط بحلم السلام الذي لن يقوم إلا على استعادة الفلسطينيين لحقوقهم المسلوبة.
هل لا يرى المجتمع الدولي ما يجري ضد الفلسطينيين؟، بلى، إنه يرى قوات الاحتلال الصهيوني وهي تجرف المزارع الفلسطينية وتقتلع الأشجار المثمرة، وتستولي على أراضي المواطنين لدواع أمنية، وتدفع قاطرة الاستيطان في الضفة والقدس وتعمل على تهويد البلاد وتهجير أبنائها وإبادتهم في آن، وفي سياق حرب الإبادة أطلق الكيان الصهيوني العديد من القوانين منها حق القتل للفلسطينيين على مزاعم احتمال القيام بأعمال ضد قوات الاحتلال.
وفي قائمة الجرائم الصهيونية هدم المنازل على رؤوس ساكنيها ومنع الفلسطينيين من البناء، والقيام بحملات عشوائية إرهابية في المدن والقرى، واتباع سياسة الحصار لا على غزة وحدها ومنذ قرابة عشر سنوات، بل وعلى قرى ومدن داخل الضفة والقدس وحرمان الناس من العمل والغذاء والدواء واللجوء إلى موجة الاعتقالات العشوائية.
وإذا ما أضفنا إلى هذا كله، الحروب الصهيونية بجرائمها ضد الإنسانية بما خلفت من فظائع وفضائح فاشية ونازية؛ فلا بد من التساؤل عن الأسباب التي قادت وتقود إلى هذا الصمت الدولي عما يجري صهيونياً على الفلسطينيين ليل نهار.
من المؤكد أن الفلسطينيين يواجهون حرب إبادة لوجودهم صهيونياً، وحرب تصفية لقضيتهم أمريكياً، في جبهة الحرب الأولى آلية الدمار الصهيونية لا تتوقف عن استهداف الفلسطينيين بمختلف أعمارهم، أما في الجبهة الثانية فقد تبدلت الرؤية الأمريكية التي كانت تقوم على قاعدة فرض الأمر الواقع القائم على الاحتلال إلى التبشير بما يسمى «صفقة القرن» التي مازالت مجهولة كما يبدو حتى لأصحابها، بانتظار ما ستذهب إليه الأمور في المنطقة بما تشهده من تداعيات مفتوحة على غير انهيار بعد أن دخلت حالة عدم الاستقرار.
السؤال: هل ما يجري صهيونياً على الشعب الفلسطيني من حرب إبادة عنصرية لا يستحق المواجهة الدولية؟، أليس للشعب حقوق مسلوبة؟، أليست هناك قرارات في شأن القضية الفلسطينية بدءاً من حق العودة وإعادة إقامة الدولة وإدانة التهويد والاستيطان؟، ثم ألا تستحق الجرائم الصهيونية حملات دولية ضد عنصرية الاحتلال ووحشيته ومسؤوليته؟.
إن ما يجري صهيونياً ضد الفلسطينيين يضع الأمم المتحدة والأسرة الدولية، في موقع ليس المتغاضي فقط، بل المشارك الذي يعتبر أن ما يجري حقاً «إسرائيلياً» في انقلاب جذري عن دعم حقوق الشعب الفلسطيني واستعادتها، قبل أي شيء آخر، وهذا الأمر لا يساعد على حل القضية التي تحتاج إلى مقاربات سياسية مختلفة عن تلك المطروحة، والحديث عن «صفقة القرن»، لن يكتب له النجاح، لأن الصفقة تتناقض في مضمونها مع فكرة الحقوق الفلسطينية، التي يجب على الأمم المتحدة التحرك من أجل الدفاع عنها، لأن في ذلك مصلحة للأمن والاستقرار الداخلي والخارجي معاً.
من المؤكد أن «إسرائيل» لن توقف جرائمها ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وبالتالي لا يمكن أن تسقط هذه الجرائم بالتقادم، لذلك لا يجب الرهان على ما يتردد عن صفقة القرن لإنهاء الاحتلال الذي بدوره يتسبب في هذا الحجم من الجرائم، التي ترتكب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فالحديث عن «صفقة القرن» في ظل استمرار الجرائم، هو مساهمة في قتل الشعب الفلسطيني.

زر الذهاب إلى الأعلى