قضايا ودراسات

«إنترنت الأشياء» أكثر عرضة للهجمات الإلكترونية

حنا برايْس

يتيح ارتباط الأجهزة المستعملة في الحياة اليومية بشبكة الإنترنت، أو ما يُعرف باسم «إنترنت الأشياء»، فرصة أكبر لوقوع الهجمات الإلكترونية، ولتقليل فرص حدوث ذلك، يجب نشر الوعي بالمخاطر من جهة، وإعطاء احتياطات الأمن أولوية في تصميم الأجهزة، من جهة أخرى.
كان هجوم فيروس «الفدية» العالمي الأخير الذي طال أثره منظمات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الخدمة الصحية الوطنية البريطانية، أول توضيح واقعي لكثير من الناس، للنطاق والعواقب المادية التي قد يشكلها هجوم سيبراني. وقد استغل قراصنة إجراميون عيباً في برنامج حاسوبي لشركة مايكروسوفت، «مُحال على التقاعد»، ولا يجري تحديثه وتصحيح الثغرات الأمنية فيه بشكل روتيني.. استغلوه لإصابة الحواسيب بفيروس الفدية، الذي أسموْه «واناكراي».
وفي العام الماضي، أوضح هجوم «الحرمان من الخدمة»، الهائل، ضعف بعض المنصات أمام الهجمات باستخدام إنترنت الأشياء. وأثناء ذلك الهجوم تمكن مرتكبوه من منع دخول منصات رئيسية مثل "تويتر"، و"نتفليكس"، و"فيسبوك" ساعات عدة. وقد أمكن القيام بالهجوم من خلال تسخير أجهزة منزلية سيئة الحماية مثل «تلفزيون الدائرة المغلقة» الأمني، وأجهزة مراقبة الأطفال التي ما زالت تستخدم كلمة سرّ المصنع، أو لا يوجد في تكوينها حماية أمنية.
ومن الأمثلة على ذلك، ما يمكن أن يحدُث في عالم السيارات ذاتية القيادة. ويجري حالياً بالفعل اختبار سيارات ذاتية القيادة في الشوارع، ويُقدَّر أن 10 ملايين سيارة منها، ستكون في الشوارع بحلول عام 2020. والسيارات ذاتية القيادة هي جزء مما يسمى «إنترنت الأشياء ذاتية الحركة»، مع شبكة من أجهزة الاستشعار والعمليات الحاسوبية التي يرجح أن تقلل من الحوادث التي يسببها الخطأ البشري، وبالتالي تجعل الطرق مكاناً أكثر أمناً. وستكون أيضاً مصممة بطريقة آمنة، ومحمية بشكل أفضل مع القدرة على تصحيح وتحديث برمجيات الأمن، ولكنها لن تكون منيعة على الاختراق والقرصنة أبداً. تخيَّلْ أن سيارتك قد تمّت السيطرة عليها من خلال البرنامج الحاسوبي الذي تعمل به. وتخيَّلْ إذا كان يمكن تغيير الوجهة التي تقصدها، وسرعتك واتجاهك، أو إذا أمكن ببساطة إبقاؤك خارج سيارتك، ومنعك من دخولها.
وبينما تجري الأبحاث في التداعيات الأمنية لإنترنت الأشياء، يوجد الكثير من الأجهزة بالفعل في السوق، وفي منازل الناس. وحتى لو كانت أجهزة الاستشعار مهجورة وخارج الاستعمال، فإنها ربما لا تزال تشكل نقاط ضعف يمكن استغلالها من قبل أولئك الذين يرغبون في اختراق أنظمة الشبكات. ويجب فرض معايير للأمن قبل ارتكاب اختراق رئيسي تكون له عواقب وخيمة على المستهلك من خلال «إنترنت الأشياء». وإذا حدث ذلك، فمن المرجح أن تتضعضع الثقة العامة بهذا الاقتصاد المزدهر.
وفي نهاية المطاف، ربما يأتي أقوى الدوافع للتغيير من خلال زيادة وعي المستهلك بالتهديدات الأمنية، والمطالبات بتحسين معايير الأمن. ولعل هذا الهجوم الأخير، سيحفز على هذا الوعي. ومن دون المزيد من اليقظة، قد يوفر إنترنت الأشياء فرصة لهجوم أكبر وأشدَّ ضرراً في المستقبل.

مساعِدة رئيس قسم الأمن الدولي، في المعهد الملكي للشؤون الدولية (البريطاني). موقع: «تشاتام هاوس»


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى