قضايا ودراسات

اختفاء وصفات الأدوية

الفقد المتكرر لوصفات الأدوية المراقبة، رغم أن في الإعلان عنه نوعاً من الشفافية واحترام النفس والمصداقية، إلا أنها في نهاية المطاف تشير إلى تقصير ما، أو قصور في أنظمة الحفظ والحماية لأشياء مهمة وثمينة، تتطلب نوعاً خاصاً من التعامل، وفي كل مرة تهرول الجهة الصحية المسؤولة نحو الصيدليات عسى أن تتمكن من ضبط محررات من هذه الوصفات، عندما يلجأ مغتصبها إلى محاولة الاستفادة منها، وصرف الأدوية التي يرغب فيها.
الأدوية المراقبة مجموعة من أنواع الأدوية المخدرة، وجودها ضروري ليصفها الأطباء الاختصاصيون لمرضى يحتاجونها لإسكات آلام عملية جراحية تعرضوا لها، أو مهدئات أعصاب للذين يتعرضون لأنواع معينة من الضغوط، وللمرضى النفسيين وغيرهم، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن توصف لغير الحالات المرضية التي تستحقها، ولا يمكن لأي طبيب أن يصرفها فصلاحيات الصرف مقتصرة على درجات وظيفية معينة من الأطباء، ولا يمكن أيضاً السماح بتداولها الحر عبر الصيدليات الخاصة.
لهذه الأسباب تتعرض وصفات الأدوية المراقبة للسرقة وليس للضياع، والسارق هنا مدمن أو في طريقه للإدمان، ويبحث عن ضالته في الصيدليات فلا يجدها، فيضطر بدون وجه حق لمراقبة مكان حفظ هذه الوصفات وسرقتها في الوقت المناسب، ولا يستبعد أن يحدث تواطؤ من نفر ما، يساعد على السرقة أو يقوم بها شخصياً مقابل مبلغ من المال، يجده لدى المدمن الذي حتى لو كان محدود الدخل فإنه سيسرق أو حتى يرتكب جريمة ليوفر المال اللازم للمخدرات أو الحبوب المخدرة.
لا مجال للشك أن الجهات الصحية المعنية تجري تحقيقات مكثفة في كل مرة تكتشف فيها اختفاء أدوية مراقبة، قد تقودها إلى الفاعل، وقد يحفظ الملف لعدم الاستدلال على الفاعل، ولن يجد السارق صعوبة في أن يجد من يصرف له الدواء إذا وثق به، وبأسعار مضاعفة لثمنه الأصلي، فعندما يغيب الضمير الأخلاقي والمهني، فلا يستبعد القيام بأي عمل مهما كان شائناً ومقيتاً، ويضر بالآخرين وبالنفس أحياناً.
الجهة الصحية تعمم أرقام الوصفات الطبية المفقودة على الصيدليات لتبلغها فوراً لو حاول أحد صرفها، وهذا إجراء قد يؤتي ثماره وقد لا يجد تجاوباً، على الأقل لحرص حائز الوصفات على عدم استخدامها في النطاق الذي ستصله تعاميم الجهة الصحية حتى لو شمل البلاد كلها، لكن الإجراء المطلوب والأكثر فاعلية هو التحقيق الداخلي في كيفية فقد وصفات طبية محرزة في مكان يفترض أنه آمن، ومعروف من يتمكن من استخدامه مباشرة، لتحميله المسؤولية، والوصول من خلاله إلى الحقائق كاملة.
الجهات الصحية مدعوة إلى تحديث أساليب حفظ مستنداتها وأشيائها المهمة، بحيث لا تتعرض للتلف ولا السرقة تحت أي ظرف من الظروف، فالجاني للأسف هو الضحية الذي سيتناول الحبوب المخدرة، وأصدقاء السوء، وقد يتحول إلى تاجر صغير بينهم يبيع لهم الوهم الذي يعتقدون فيه خلاصهم من صعوبات الحياة.
ابن الديرة
ebn-aldeera@alkhaleej.aeOriginal Article

زر الذهاب إلى الأعلى