قضايا ودراسات

ازدحام.. حلول ممكنة

جمال الدويري

لماذا لا توضع قضية الازدحام على سلم الأولويات؟ هل هناك من يستفيد منها؟ ولماذا؟.
بالتأكيد، هي تحرق الأعصاب، والجيوب، والوقت، وتثير الغضب، وتجعل الناس في حالة توتر، وتؤثر حتماً في العمل ومعدلات الإنجاز والإبداع.
هل سبب الازدحام سوء في هندسة الطرق، أو زيادة في عدد المركبات، أم عدم دراسة قدرة الطرق الاستيعابية ومواءمتها مع أعداد المركبات، أم سوء تصرف من السائقين، أم سوء ترتيب في أوقات بدء العمل، والانصراف؟.
بعض هذه الأسباب أو كلها، سبب هذا الازدحام الشديد، في الشوارع التي تكاد لا تخلو من المركبات ليل نهار، وقلما بتنا نجد شارعاً تكون فيه حركة السير طبيعية أو معتادة، إلاّ ويشهد اختناقاً في بعض تقاطعاته أو مفاصله.
الأمر بات بلا شك يحتاج إلى دراسة فعلية، وقوانين صارمة، وقرارات ملزمة للجميع لإعادة الحياة إلى الطرق، وجعلها تتنفس بشكل طبيعي.
من منا لا يصيبه الأرق عندما يكون لديه موعد في ساعات الذروة والازدحام، ويتحول ثلثا الموعد إلى الطرق وثلثه أو أقل لإتمامه، هذا في حال كان الأمر اختيارياً، فما بالنا بمن لديهم موعد يومي مع العمل في السابعة والنصف أو الثامنة صباحاً، وموعد محدد في العودة، فتستغرق بضعة كيلومترات منه 3 أو 4 ساعات في الذهاب والإياب، هذا إذا لم يكن هناك حادث.
الأمر نفسه الذي يكتوي فيه الموظفون في الصباح، يتكبده أفلاذ الأكباد عندما يذهبون إلى مدارسهم، فما معنى أن يستقل طفل في الصف الأول حافلة المدرسة في السادسة، ليلتحق بدوامه الذي يبدأ في الثامنة؟ والأمر نفسه قد يكون في رحلة العودة من المدرسة.
طرقات الدولة تشبه المطارات، ومسارب السير تصل في بعض الأحيان إلى ثمانية في كل اتجاه في الوقت نفسه، وهي مهيأة بشكل أفضل منه في كثير من دول العالم، والازدحام موجود في كل المدن الكبرى، وهناك ازدحامات محمول أمرها، ويمكن التغلّب عليها بتنظيم الوقت. لكن المشكلة تكمن في أن كثيراً من الناس، يصرّون على استخدام مركباتهم الخاصة، رغم توافر وسائل النقل الجماعي المجهّزة على أحدث المعايير، فلو استعمل نصف الموظفين الحافلات العامة، هل يمكننا تخيّل «المساحة» الذي سيكون في الشوارع؟.
الشرطة ورجالها، ورقباء السير والمرور يؤدون واجبهم على أكمل وجه، لكن هل يمكن أن تضع شرطياً أو رقيب سير، لكل سائق؟
علينا أن نكون نحن رقباء السير، ونلتزم بقوانينه ونظمه، فالحضارة ليست في اقتناء أحدث أنواع السيارات وأفخمها؛ بل في توظيفها بما يخدم هذه الحضارة، وعلى الجهات المسؤولة تدارس الأمر فعلياً، لتقليل الزحام وأوقات الانتظار، حتى لانصل إلى مرحلة التجمد في الطرقات.

jamal@daralkhaleej.ae

زر الذهاب إلى الأعلى