استباقية مهرجان الكتاب
عبداللطيف الزبيدي
هل استعدّ الظامئون إلى القراءة لمعرض الشارقة الدولي للكتاب؟ يقيناً سيحمل الموسم إليهم ألوف العناوين الجديدة، لكنّ أعظم قيمة ثقافية يمكن أن يسفر عنها المعرض، ليست عدد المبيعات أو حجم المبالغ المالية.ثمة عنصران هما الجوهرتان الخفيتان، اللتان لا يمكن التعرف إليهما بسهولة، ولا أخذ صورتين حقيقيتين لهما، غير أن دراستهما ضرورية لمعرض الكتاب ولمراكز البحوث والدراسات في مجالي الثقافة والاجتماع.
العنصر الأوّل هو معرفة نسبة ارتفاع منسوب الوعي الثقافي العام، بمفهوم الثقافة الذي يشمل جوانب الحياة كافة، قياساً على المعارض السابقة، بعبارة أخرى قياس الدور المحوريّ الكبير الذي لعبته مسيرة المعرض في هذا المجال، يستتبع هذا استشفاف التوجهات الثقافية العامة في المجتمع في نطاق الاستشراف المستقبلي: مثلاً: ما هي نسبة ارتفاع الاهتمام بالعلوم وحقولها في الأرض والكون بالمعارف، وخصوصاً الفكر والفلسفة والنقد؟ هل البوصلة الذهنية متجهة بالطموح إلى المساهمة في بناء المستقبل وفضاءاته العلمية والتقانية، كالعلوم العصبية والذكاء الاصطناعي؟ ذلك عظيم، وإلاّ فإن من الضروري إطلاق صفارات الإنذار في ساحة المناهج، لأن انعدام الاستعداد للغد يعني أن التربية والتعليم يفتقران إلى المحفزات والمحركات التي تدفع عجلة الحياة في العصر.
العنصر الآخر، بل الجوهرة الأنفس، تحتاج إلى مجهود يصاحب المعرض في وسائط الإعلام، فضائياتٍ وصحافة ووسائل تواصل، وليت المدارس تحرص على تنميتها باستمرار في كل المراحل، وهي أن يفكر القارئ في ما يقرأ، أن يكون الناقد الفاحص المغربل المنخّل في أثناء المطالعة، ألا يمر على النص مرور اللامبالي، أن يحقق ويدقق عائداً إلى المراجع والمصادر، ألا يأخذ المادة على أنها منزّلة ، منزّهة، أن ينظر إلى المكتوب نظرة تقويمية حتى عند الاستمتاع بالشعر والقصة والرواية والمسرحية، عليه أن يستجلي الجماليات، وأن يتنبه للنقائص والسلبيات.
لزوم ما يلزم: النتيجة الارتقائية: أروع إنجاز لمعرض الكتاب هو أن يرى القارئ فيه نفسه قد ارتقى في المعرفة «سنة عن سنة».
abuzzabaed@gmail.com