قضايا ودراسات

«الأطلسي» يدخل الحرب ضد «داعش»

بيتر كورزون *

اتخذت قمة قادة دول حلف الأطلسي التي عقدت في بروكسل في 25 مايو/أيار الماضي قراراً بأن يصبح الحلف رسمياً، عضواً في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة «داعش»
في العام الماضي، بدأ حلف الأطلسي مهمة لتدريب وتعزيز قدرات الجيش العراقي. وفي يناير/كانون الثاني، افتتح الحلف مركزاً إقليمياً في الكويت. كما أن طائرات «أواكس» الأطلسية المتطورة للاستطلاع تعمل أصلاً في أجواء سوريا. غير أن مشاركة الأطلسي في عمليات قتالية ضد «داعش» كانت محصورة حتى الآن بمشاركة بضع طائرات في العمليات العسكرية للتحالف بقيادة الولايات المتحدة.
وقد عبرت ألمانيا وفرنسا عن تحفظات بشأن انضمام حلف الأطلسي ككل إلى التحالف، في حين عبرت إيطاليا عن شكوك في جدوى هذا الانضمام.
وحتى الآن، كانت قوات الأطلسي الجاهزة للقتال تنتشر فقط في أوروبا الشرقية بمواجهة روسيا. وقرار قمة الأطلسي بالانضمام إلى محاربة «داعش» يأتي في وقت تتحدث تقارير عن استعداد قوات عربية محلية مدعومة من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وتتمركز في الأردن لبدء عمليات داخل سوريا. وفي 18 مايو/أيار، ضربت طائرات أمريكية قوات رديفة للجيش السوري في أقصى جنوب سوريا بالقرب من التنف، عند ملتقى الحدود السورية – العراقية – الأردنية، وهي منطقة تعمل فيها قوات خاصة أمريكية لتدريب مقاتلين محليين. وكانت هذه العملية مؤشراً على أن الولايات المتحدة توسع تورطها في الحرب السورية. وكانت الولايات المتحدة تولت قيادة العمليات ضد «داعش» في سوريا منذ 2014، ولكنها كانت تتجنب حتى الآن الاشتباك مع قوات الحكومة السورية، أو قوات رديفة تقاتل إلى جانبها.
ويأتي قرار حلف الأطلسي بالمشاركة في العمليات ضد «داعش» في وقت تتحدث تقارير عن استعداد الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا للسيطرة على مثلث الحدود العراقية – السورية – الأردنية. ومثل هذه العملية تحتاج لدعم عسكري إضافي. وتقول هذه التقارير إن سيطرة قوات غربية بدعم من حلف الأطلسي على منطقة المثلث الحدودي، ستشمل طريقاً رئيسياً يصل بغداد بدمشق، وتستخدمه إيران لإمداد القوات السورية بأسلحة. ومنطقة التنف هي نقطة عبور استراتيجية تتحكم في الطريق الرئيسي الذي يربط بين بغداد ودمشق، وأيضاً العاصمة الأردنية عمان.
وتأتي كل هذه التطورات في وقت تشارك دول أعضاء في حلف الأطلسي في عمليات قتالية، وفي وقت تشعر «إسرائيل» بقلق شديد إثر زيارة قام بها مؤخراً وفد عسكري سوري رفيع المستوى إلى بغداد، لمناقشة الوضع على الحدود السورية – العراقية. وما يزيد من التوترات في الوقت الراهن هو أنباء – غير مؤكدة – تقول إن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي غير موقفه، وتحول من دعم الحملة التي تقودها الولايات المتحدة إلى دعم التحالف الناشئ بين روسيا وتركيا وإيران.
ومن المؤكد الآن أن دول الأطلسي ستزيد مشاركتها في الحرب الدائرة في سوريا. وعقب قمة الأطلسي الأخيرة مباشرة، أعلنت هولندا قرارها بإرسال طائرتين حربيتين إضافيتين لمحاربة «داعش»، في حين أن طائرة وقود هولندية سوف تتمركز في الكويت. وسوف يرافق نحو 90 عسكرياً هولندياً هذه الطائرات، ما سيرفع عدد الجنود الهولنديين المتمركزين في العراق إلى 175. وأعلنت هولندا أيضاً استعدادها لإرسال عدة مقاتلات من طراز «إف – 16» في أوائل العام المقبل، في حين أن دولاً أخرى أعضاء في الأطلسي أعلنت هي أيضاً أنها ستزيد مساهمتها في المجهود العسكري لحلف الأطلسي.
وتوسيع دور الأطلسي في سوريا يمكن أن يؤدي إما إلى مواجهة، وإما إلى تنسيق، أو على الأقل إلى تقليل خطر الاصطدام، مع القوات الروسية – السورية – الإيرانية. ولكن يبدو أن تنسيق الجهود هو الخطوة المنطقية. ويتوقع أن تتصدر هذه المسألة جدول أعمال الاجتماع المقبل لمجلس الأطلسي – روسي. ويشمل جدول الأعمال أيضاً خططاً لإقامة مناطق تخفيف التصعيد. كما يتوقع أن تناقش هذه المسائل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في مدينة هامبورغ الألمانية يومي 7 و 8 يوليو/تموز.

* خبير في شؤون الحرب والنزاعات – موقع «استراتيجيك كلتشر»

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى