قضايا ودراسات

الاستثمار في المستقبل

ابن الديرة

جدّد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، نهج دولة الإمارات العربية المتحدة الراسخ، وإيمان قادتها وحكومتها بأن المستقبل سيرسمه وينفذه شباب الوطن، وأن الاستثمار في الإنسان عموماً، والشباب خصوصاً، هو أقوى وأنجح الاستثمارات قاطبة، وأفضلها تأثيراً على مر العصور، ولذلك يجب على الدول الراغبة في امتلاك ناصية التطور والتقدم أن تمهد البيئة العلمية والاجتماعية لتعليم الشباب وإكسابهم مهارات وعلوم ومعارف العصر.
هذا النهج الأصيل بات عنواناً أينما بحثت ستجد الشباب قاعدة أساسية له، ولذلك كان شعار الدورة الثالثة لمؤتمر الاستثمار في المستقبل الذي استضافته الشارقة، هو «الشباب.. تحديات الأزمات وفرص التنمية»، نحو خلق بيئة داعمة لطموحات الشباب واحتياجاتهم، وأحلامهم، تتمتع بسِمتي الاستمرار والاستقرار، والقابلية للتنفيذ على أرض الواقع.
ولأن الإمارات تشخص عيونها على المشاركة في قيادة العالم، ولا تقبل الانزواء في أي ركن فيه بلا دور طليعي ومؤثر، جاء احتضان الشارقة للمؤتمر، للاستفادة من آراء المشاركين وخبراتهم في دراسة أوضاع شباب مجتمعات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهم عرب بالكامل، ومحاولة الخروج بهم من المعيقات والمحبطات للارتقاء بهم إلى المشاركة الفاعلة في بناء حاضرهم والتخطيط لمستقبلهم، بما يليق بهم كقوة مجتمعية أساسية، ومؤثرة، وقادرة على إحداث التغيير المطلوب إذا ما توفرت أمامها الظروف المواتية.
الدول المشاركة، والوفود، والمهتمون من علماء وصناع قرار، يجب أن يبذلوا جهوداً مضنية في دولهم لاحتضان شبابهم، وتهيئة أفضل الظروف لاستيعابهم الإيجابي، والاهتمام بتعليمهم وتأهيلهم وإطلاق طاقاتهم الإبداعية المخزونة، وكلما أحسنت تلك الدول في توفير مناخ التطوير والانطلاق لشبابها، كلما كان النجاح ممكناً في الوصول إلى حلول عملية راقية لمشكلات الحاضر والمستقبل معاً.
ونجاح خطط التنمية في تلك الدول مرهون بقدرتها على بناء كوادرها من الشباب، وإطلاق طاقاتهم والاستفادة منها في كل مناحي الحياة، وبالعلم وحده تستطيع إنجاز ذلك الهدف الاستثماري الكبير والأهداف المطلوبة تنموياً واجتماعياً، وعليها إدراك أن بقاء شبابها على حاله لن يتيح أية فرصة على الإطلاق للانعتاق من سلبيات الحاضر والانطلاق إلى رحاب المستقبل، فالشباب اليوم هم وقود الصراعات والحروب والتخطيط الخاطئ للتنمية وتبديد الموارد، ولا سبيل للخلاص إلا بتغيير أوضاعهم.
حماية الشباب من الفكر المتطرف الهدام تكون بتهيئة الظروف المعيشية المناسبة لهم، وتعليمهم بلا حدود، وانتشالهم من هموم البحث عن الوظيفة ومقومات بناء الأسرة، ليكونوا منتجين حقيقيين ومبدعين ومبتكرين، فيصبحوا من تلقاء أنفسهم حائط صد يصعب اختراقه والتأثير فيه من خلال أبسط الأمور، وبتنسيق سياسات الدول في الاتفاق على ما يخدم مصالحها ويشكل هدفاً مشتركاً.
ومؤتمر الاستثمار في المستقبل الذي ناقش في دورتيه السابقتين قضايا الأطفال اللاجئين والمرأة وأوضاعها ويستعرض هموم الشباب في الثالثة، محطة مهمة لها شأنها على طريق بناء عالم أفضل بجهود قادته المخلصين.

ebnaldeera@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى