قضايا ودراسات

الجفاف والتصحر يهددان المنطقة العربية

باهر كمال *

موجات الجفاف القاسي، وزحف التصحر، وفساد التربة، كلها عوامل تتهيأ لإرغام تجمعات بشرية بأكملها على النزوح عن ديارها والهجرة إلى أماكن أخرى عبر العالم.

في حالة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الخصوصية، هذا الخيار القسري ينطوي على خطر إضافي، هو تحويل أناس إلى فرائس سهلة للمجموعات المتطرفة والإرهابية.
وهذه الاستنتاجات ليست مفاجئة تماماً. إذ إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تضم حوالي 400 مليون نسمة، هي إحدى أكثر مناطق العالم تأثراً بالجفاف والزحف السريع للتصحر. والوضع خطر إلى درجة أن عدة أبحاث علمية تناولت بالدراسة سيناريو مخيفاً، هو إمكانية أن تصبح منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا غير صالحة للسكن خلال بضعة عقود من الآن، وربما اعتباراً من 2040.
وفي 17 يونيو/حزيران، أحيا المجتمع الدولي اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، الذي كان موضوعه لهذا العام «أرضنا. بيتنا. مستقبلنا». وتركزت فعاليات هذا اليوم العالمي على الصلة المهمة بين فساد الأرض والهجرة.
يُشار إلى أن الأمم المتحدة أعلنت اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، بهدف نشر الوعي عبر العالم بالجهود الدولية من أجل مكافحة التصحر.
والتصحر هو فساد الأراضي في مناطق قاحلة، وشبه قاحلة، وجافة تفتقر للرطوبة. وحسب أبحاث الأمم المتحدة، فإن السبب الأول للتصحر هو الأنشطة البشرية والتغيرات المناخية.
وقال تقرير أصدرته الأمم المتحدة بهذه المناسبة إن أكثر من 250 مليون شخص تأثروا مباشرة بالتصحر، وإن حوالي مليار إنسان في أكثر من 100 بلد معرضون لخطر التصحر. وقال التقرير «هؤلاء الناس يشملون العديد من الأكثر فقراً في العالم، والأكثر تهميشاً، والأكثر ضعفاً سياسياً». وحسب سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (مقرها في بون)، فإن اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف هو مناسبة فريدة من أجل تذكير جميع البشر بأن مقاومة فساد التربة قابلة للتحقق من خلال آليات حل مشكلات، ومشاركة نشطة من قبل المجتمعات البشرية، والتعاون على جميع المستويات… كما أن «التدهور البيئي، وعدم الاستقرار السياسي، وانعدام الأمن الغذائي، والفقر، كلها أسباب تدفع إلى الهجرة وتشكل تحديات للتنمية».
وفي الواقع، كما أشار تقرير السكرتارية بهذه المناسبة، فإنه في غضون 15 سنة فقط، ارتفع عدد المهاجرين عبر العالم من 173 مليوناً في العام 2000 إلى 244 مليوناً في 2015.
وقال تقرير السكرتارية أيضاً إن الجفاف هو خطر ملازم للطبيعة، وله تأثيرات بيئية واقتصادية واجتماعية، ومعروف عنه أنه يتسبب في أعداد أكبر من الوفيات، ونزوح البشر، ما تتسبب به أي كارثة طبيعية أخرى. وبحلول العام 2025، سوف يعاني 1.8 مليار إنسان من ندرة مياه مطلقة، في حين أن ثلثي البشرية سيعيشون في ظروف يعانون فيها مشكلات مياه.
وبالنسبة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حذر تقرير أصدرته حديثاً منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة من أن توفر المياه العذبة بالنسبة للفرد الواحد في هذه المنطقة، هو الآن أقل بعشر مرات من المتوسط العالمي.
ويشير التقرير إلى أن موارد المياه العذبة في هذه المنطقة هي أصلاً من بين الأكثر انخفاضاً في العالم، ويتوقع أن تنخفض إلى أكثر من 50% بحلول العام 2050. علاوة على ذلك، فإن 90% من مجموع أراضي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يقع في مناطق قاحلة، أو شبه قاحلة، في حين أن 45% من مجموع المناطق الزراعية معرضة للملوحة واستنفاد المغذيات من التربة.
ويستخلص التقرير أن تخفيف جميع تأثيرات الجفاف يقتضي مشاركة وتعاون جميع أصحاب المصلحة في المجتمع، بمن فيهم مقدمو خدمات المياه، ومستهلكو المياه.
* صحفي إسباني مصري يعمل استشارياً لدى وكالة «إنتر برس سرفيس» – موقع وكالة «آي بي إس»


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى