قضايا ودراسات

الحالمون

ليس هناك من توصيف أو تبرير مناسب للقرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثلاثاء الأسبق بإلغاء برنامج سلفه باراك أوباما بترحيل نحو 800 ألف مهاجر دخلوا البلاد بشكل غير قانوني عندما كانوا أطفالاً في مارس/ آذار الماضي، غير أنه سيفجر المزيد من الخلافات في الداخل الأمريكي وسيعمل على تقسيم المجتمع أكثر مما هو منقسم الآن.
لقد شهدت عدة مدن أمريكية، وخاصة شارلوتسفيل في ولاية فيرجينيا خلال الأيام الماضية تظاهرات تخللها عنف، ورفعت شعارات وهتافات عنصرية علنية من قبل القوميين البيض والنازيين الجدد وجماعة الكلوكس كلان، وعززت هذه التظاهرات المخاوف من وقوع حرب أهلية ثانية في البلاد.
في ظل هذه الأجواء المشحونة بالتوتر والاتهامات بإذكاء نار الخلافات والعنصرية، ألغى ترامب قانون «داكا» ومنح الكونجرس ستة أشهر لتحديد مصير هؤلاء المهاجرين، وأصدر مكتوباً قال فيه «لا أؤيد معاقبة الأطفال وأغلبهم الآن بالغون عن تصرفات آبائهم لكن ينبغي أن نقر بأننا بلد الفرص لأننا بلد القوانين».
وندد ترامب ببرنامج أوباما ووصفه بأنه «نهج العفو أولاً» مع المهاجرين غير القانونيين، وشدد على شعاره القومي «أمريكا أولاً»، وقال إنه رغم المخاوف التي أبداها منتقدوه بشأن مصير «الحالمين»، ينبغي أن نتذكر أن الشباب الأمريكي له أحلام أيضاً.
القرار وجد معارضة ورفضاً في الأوساط الأمريكية، وندد رجال أعمال ورجال دين ورؤساء بلديات وحكام ولايات ونواب ديمقراطيون وجمهوريون ونقابات ومدافعون عن الحقوق المدنية، وتعهدوا جميعاً بالعمل على حماية المهاجرين الصغار.
الرئيس أوباما وصف في بيان له قرار ترامب بأنه «سياسي» ودافع عن قانونية برنامج «داكا» وحث الكونجرس على حماية الحالمين وقال «هذا عن شباب ترعرع في أمريكا. أطفال درسوا في مدارسنا، وشبان بالغون يشرعون في حياتهم العملية ووطنيون تعهدوا بالولاء لعلمنا، هؤلاء الحالمون أمريكيون بقلوبهم وعقولهم وبكل شكل باستثناء أمر واحد على الورق».
ولعل أعنف رد على القرار، جاء من عمدتي مدينتي نيويورك وشيكاغو، حيث أكد الأخير، رام إيمانويل، أن القرار لن يمس سكان المدينة، وتضامن عمدة نيويورك بيل دي بلازيو مع هذا الموقف، مؤكداً عزمه على الدفاع عن حقوق المهاجرين ووجه رسالة لترامب «لا تقرب شباب نيويورك سنخوض معركة دفاع عن حالمي نيويورك».
لا يزال هناك متسع من الوقت في ظل هذا الظرف الاستثنائي في تاريخ الولايات المتحدة، لتضافر جهود المؤسسات والأجهزة كافة، لإيجاد مخرج من هذه الأزمة، يتيح لهؤلاء المهاجرين الذين لا يعرفون لهم وطناً غير الولايات المتحدة، العيش فيها بأمان وكرامة ولا يعاقبهم على جريمة لم يرتكبوها.

فتح العليم الفكي
alzahraapress@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى