قضايا ودراسات

الروهينجا بحاجة إلى مساعدات عاجلة

مايكل دانفورد*

إن مخيم لاجئي الروهينجا في مدينة كوكسز بازار الساحلية في بنجلادش، هو عبارة عن بحر من الأسقف المعدنية على مد البصر، والتي تلمع تحت أشعة الشمس التي لا ترحم. يرحب بي محمد الذي يبلغ من العمر 60 عاماً خارج منزله الجديد، ويشكرني وهو يلهث محاولاً التقاط أنفاسه على دعمي.
مثل العديد من أولئك الذين يفرون من ميانمار، مشي محمد لمدة خمسة أيام قبل الوصول إلى بنجلادش، وللأسف فإن المشقة وشظف العيش قد بدأت للتو، فمثل عشرات الآلاف من أولئك الذين لجأوا هنا من أجل السلامة، يتطلع محمد لبدء حياة جديدة في منحدر موحل وقاحل، وما تأكله العائلة يعتمد على الآخرين، بما في ذلك القوت الذي يعمل زملائي في برنامج الغذاء العالمي على توفيره.
إن الروهينجا هنا هم في مأمن من الاضطهاد، ولكن تهديد المرض وسوء التغذية يطاردانهما، حيث يتم تذكيرنا بذلك يومياً، بينما نقوم بتمشيط المخيم لتفقد العائلات التي تتلقى دعم برنامج الغذاء العالمي.
إن منظر الصغار الحفاة وهم يلعبون في المياه الوسخة، أو يسبحون في جداول المياه الملأى بالفضلات البشرية، ينتشر في كل مكان. والآن هناك حملات لبناء المراحيض، ولكن نحتاج لما هو أكثر من ذلك بكثير، من أجل تقليل خطر تفشي الأمراض التي تنتقل عن طريق المياه.
وبينما يزداد عدد اللاجئين بشكل يومي، فإن سوء التغذية وخاصة بين الأمهات والأطفال الصغار في ازدياد. لقد أظهرت النتائج الأولية لتقييم التغذية المشترك، أن واحداً من كل أربعة أطفال يعانون سوء التغذية، وأن اللاجئين يكونون في حالة يرثى لها عندما يجتازون الحدود، علماً أن معدلات سوء التغذية كانت مرتفعة بالفعل، قبل هروب الروهينجا، وللأسف فلقد زادت صحة المشردين سوءاً بسبب صعوبة رحلتهم، وظروف معيشتهم الحالية.
وحتى نمنع تفشي سوء التغذية، يحتاج المجتمع الدولي لمزيد من الموارد، والتمويل عبر العديد من القطاعات. وفي أوائل أكتوبر دعا برنامج الغذاء العالمي لمساعدات طارئة عاجلة، تصل إلى 77 مليون دولار أمريكي، وما تزال هذه المناشدة قائمة، علماً أنه مع زيادة المعاناة فإن الحاجة لمزيد من الموارد تزداد كذلك.
لكن المساعدة الغذائية لوحدها ليست كافية للتغلب على الأزمة، فالصرف الصحي السيئ ومياه الشرب غير الآمنة، يمكن أن تقوض الصحة بسهولة كذلك. واليوم فإن أكثر من نصف القادمين الجدد، يخبروننا أن أطفالهم يعانون بالفعل إسهالاً، وعندما تكون الظروف بالسوء الموجود هنا، تكون الحصص الغذائية الطارئة خطوة أولى فقط، وبعد التعامل مع الألم الفوري للجوع، فإن اللاجئين سيكونون بحاجة للمساعدة من أجل إعادة ترتيب وجباتهم الغذائية، من خلال أغذية طازجة ومتنوعة من مصادر محلية.
إن محاربة سوء التغذية تعني كذلك التعامل مع الحقائق الاجتماعية لحياة المخيمات، علماً أنه عادة يكون من الأسهل قياس سوء التغذية بين النساء والأطفال، من خلال زيارتهم في ملاجئهم، وهذا ينطبق على وجه الخصوص على النساء بدون عائلاتهن الممتدة، أو اللواتي لا يوافق أزواجهن على زيارتهن للمراكز الصحية لوحدهن. إن السير في المخيمات الموحلة ذات الإضاءة السيئة، يمكن أن يكون خطيراً، ولذلك نجد صعوبات في الوصول إلى الجميع.
عندما بدأ الناس بالوصول لكوكسز بازار، في أواخر أغسطس، خلال عطلة عيد المسلمين، أظهر السكان سخاء هائلاً، حيث سمع موظفونا قصصاً لا تحصى عن سكان محليين، يشاركون الطعام الخاص الذي قاموا بإعداده، من أجل احتفالات العيد مع القادمين الجدد الجائعين، علماً أن الناس المحليين هنا معتادون على الزوار.
وعلى الرغم من الظروف القاسية، فإن الناس الذين التقيت بهم في المخيمات، يتمتعون بروح المقاومة والصلابة بشكل غير عادي، حيث يقوم الأطفال بصنع الألعاب من أي شيء يتوفر لديهم، كما تقوم النساء بمهارة بتحويل أعواد البامبو لتصبح جدراناً لمنازلهم، وفي كل مكان أجد الرجال والنساء والأطفال على الرغم من حملهم اليومي من الطعام والحطب يأخذون خطوات صغيرة لتحسين حياتهم.

*منسق الطوارئ لبرنامج الغذاء العالمي في كوكسز بازار (بنجلادش) والمقال ينشر بترتيب مع: بروجيكت سنديكت


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى