قضايا ودراسات

الشارقة.. غواية الحب الأبدي

الكتابة عن إمارة الشارقة، وعن مشروعها الثقافي الحضاري الإنساني، متعة لا تنتهي، فمن يقترب من هذه الإمارة الباسمة أو يُقدر له أن يشارك في فعالية من فعالياتها، يشعر بالانتماء إليها، وأنه مأخوذ بسحر ما تقدمه، مأسور بعطائها الذي يزداد يوماً بعد آخر، فكيف بمن واكب مشروعها الإبداعي الكبير ونثر حروفه على ضفافها والتحم بجمالها وافتتن بها.
في كتابي المعنون «الشارقة غواية الحب الأبدي» والصادر عن دائرة الثقافة في الشارقة عام ٢٠١٦، والذي ضم ٢٨ مقالاً تتحدث عن أيقونة الثقافة والشعر ومختلف فعاليات الشارقة، ومؤسساتها التي تتماس مع كونها عاصمة ثقافية وإسلامية وسياحية وعالمية للكتاب، قلت عنها هذه الكلمات المتدفقة من نهر المشاعر، والحروف التي هطلت من غيمة الروح: «سكنتني الشارقة عطراً لا يحد وعشقاً لا ينتهي ونهراً لا أشبع من الارتواء منه، مضت بي هذه الإمارة النائمة في حجر الأحلام إلى تخوم الشمس، وألقت بي في الوهج، وتركتني أحتسي الضوء، ومنذ أن فتنتُ بها، وأنا لا أغادر طفولتي، الشارقة حلم الشعراء، ومدينة الأدباء، ووحي القلم الهارب في صفحة الأيام، وغواية الحب الأبدي».
ومن بين أطياف مقالي الأسبوعي «عود ثقاب» الذي ينشر في صحيفة الخليج، جمعتُ ما جمعته لي الشارقة من كلام، ونثرته بين أيدي محبيها في هذا الكتاب الذي أحمله بين ضلوعي، وأمشي به إلى المستحيل، ما دمتُ مع من أحب، فإنني في ذروة الأمان، فيا شارقة الحلم ضعيني على جناحك كي أرى الذي لم أره قبلك، وخبئيني في بحر شعر لم يُخلق إلّا على ضفاف نهرك، وتقبلي مني هذا الوله الذي يرميني على حدود سحرك، من دون أن أدري.. هذه شذرات وشذى وقرب فيك ومودة وجوى، مِن عاشق يرى الكلمة ولدت على لسانك وعاشت.
قلت هذه الكلمات التي ستبقى قريبة من النفس، لأنني لم أصنع الدهشة في لغتها بل صنعتها الشارقة، وأجرتها المحبة على لساني فكتبتها هذه الإمارة التي خطفت قلوب وعقول عشاق الثقافة والفن والإنسانية، والشارقة مدينة ليست متخيلة في الشعر أو الفن أو غيرهما من الآداب، إنما هي ثيمة للثقافة الشاملة التي تعطي بلا كلل، ولذلك فهي في ضمير صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وهنا أتذكر قول أبي فراس:
تهونُ علينا في المعالي نفوسنا
ومن يخطب الحسناءَ لم يُغلهِ المهرُ
هذه الإمارة هي النجمة التي تهدي البحارة للمرسى، وهي عناقيد الضوء التي تجعل منها لوحة بديعة آسرة، وهي موئل الشعر وبيوته التي أعادت للنابغة والمتنبي الحياة. وفهم المحبون من خلالها عشق بشار بن برد وفلسفة المعري، هذه الإمارة أخذت على عاتقها النهوض بدور حضاري يغذي العقول، ويهذب النفوس ويخرجها من ركام التدمير ووحشية الأفكار الضالة، ليجعل من مشروعها الكبير الذي يرعاه بمحبة، صاحب السمو حاكم الشارقة، سداً منيعاً ضد تدمير مقدرات الأمم، فالثقافة قادرة على النهوض بالأمم من تحت الركام كما تنهض العنقاء لتعيد بناء الإنسانية على منهج فطري سليم، وتبقى الشارقة تلك الأرض المحلقة على جنح الغمام، والتي تصحو على خد الضياء لتعانقه بمحبة، وتعيش آمنة مطمئنة في رعاية ومحبة صاحب السمو حاكم الشارقة، حفظه الله.

محمد عبدالله البريكي
hala_2223@hotmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى