قضايا ودراسات

الشمس قادمة لا محالة

شيماء المرزوقي

في عالمنا العربي، لا يوجد تعثر علمي وحسب وإنما تعثر معرفي حتى في الأسس التي يتم البناء عليها لمشاريع كبرى وواعدة.
ومثل هذا الواقع نتيجة طبيعية لكل تلك الأرقام التي تتحدث عن تواجد وانتشار للأمية. وهنا أشير لأمية القراءة والكتابة، فقد يدهش البعض عندما يعلم أن بعض المجتمعات العربية تصل نسبة الجهل بالقراءة والكتابة فيه لنحو أربعين في المئة، ولكم أن تتخيلوا مجتمعاً يحوي كل هذا العدد ممن لا يجيدون القراءة، وقد تجد النسبة الأخرى معظمها لم تكمل تعليمها أو كل الذي بلغته من مراحل التعليم متدنية، فكيف سيكون مستقبل هذا المجتمع؟ بل ما القضايا التي ستكون سائدة ويتم النقاش حولها؟
أستدعي مثل هذه التساؤلات وأنا أقرأ كلمات للبعض محملة بالتسطيح عن مشاريع الطاقة الشمسية، وتنم عن جهل تام بمنظومة الطاقة الحديثة، والتغير المناخي، وما يسمى بالطاقة النظيفة، بل تعتبر مثل هذه المصطلحات والمواضيع جديدة تماماً عليهم، فهل يعقل أن يأتي أحدهم ويقول إن مشاريع الطاقة الشمسية تشبه السراب، ولو أنها مجدية لكان الإنسان استفاد منها منذ الأزل. هؤلاء لا يعلمون حقيقة بسيطة جداً، وأيضاً مدهشة، وهي أنه «في ست ساعات فقط، تمتص صحاري كوكب الأرض كمية طاقة من الشمس تعادل ما قد يستهلكه البشر جميعاً في سنة». هؤلاء يجهلون حقيقة علمية تقول إن: «الشمس ترسل في الثانية الواحدة كمية طاقة تفوق كل الطاقة التي استخدمها البشر على مر التاريخ». وفي اللحظة نفسها هؤلاء يجهلون أن التقنيات تطورت ووسائل التقاط أشعة الشمس باتت متعددة ودخلت عليها تحسينات وتعديلات وباتت صناعة معروفة مرت بأجيال من التطوير والتحديث.
هؤلاء أيضاً يجهلون أن الاستفادة من الطاقة الشمسية، باتت واقعاً في بعض البلدان، وباتت تغذي الشبكة الرئيسية وتساعد بشكل واضح وقوي في مد الكهرباء لكل بيت.
لو أن تلك الأصوات تقول إن أمامنا شوط طويل للاستفادة من الشمس بشكل كامل والاستغناء عن الطاقة الأحفورية، كنا سنتفهم مثل هذا الطرح، ولكن أن يتم إلغاء مسيرة بشرية كاملة، وواقع نعيشه، فقط لأننا نجهل جوانب هذه الآلية أو هذا المشروع، فإن هذا نوع واضح من الأمية، والتي أعتقد أنها نتاج بديهي للأمية الكبرى التي تعانيها تلك المجتمعات.
Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى