قضايا ودراسات

الصراع الأمريكي الإيراني

صادق ناشر

تصاعدت حدة الخلافات السياسية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران على خلفية الأوضاع الملتهبة في منطقة الشرق الأوسط، وانخراط البلدين في الحرب الدائرة في كل من سوريا والعراق، إضافة إلى تدخلات طهران في شؤون عدد من الدول خارج حدودها، مثل البحرين ولبنان واليمن.
وتنامى الموقف الأمريكي المعارض لسياسة طهران في المنطقة، بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الولايات المتحدة، التي حملت دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والذي اتخذ مواقف مغايرة تماماً لمواقف سلفه باراك أوباما في التعاطي مع المسألة الإيرانية، التي كانت أكثر هدوءاً، فيما رأتها بعض الأطراف الداخلية الأمريكية، سلبية، بخاصة بعدما توج أوباما علاقته بطهران بتوقيع الاتفاق النووي، الذي عده ترامب أسوأ اتفاق توقعه الولايات المتحدة مع دولة أجنبية خلال العقود الأخيرة.
في الفترة التي تلت انتخاب ترامب، ازدادت نبرة الاتهامات الأمريكية لإيران برعاية الإرهاب وممارسته على نطاق أوسع في المنطقة وخارجها، وأول من أمس أعلنت وزارة الخارجية أن إيران أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم.
موقف الوزارة جاء في سياق تقرير نشرته على موقعها قبل يومين، وأشارت فيه إلى أن إيران تبقى دولة رئيسية داعمة للإرهاب؛ لأن المجموعات التي تدعمها إيران لاتزال قادرة على تهديد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة وخارجها.
الاتهامات ليست جديدة، فقد سبق لترامب أن هاجم مواقف إيران السلبية من تطورات المنطقة، ورأى أنها ساهمت في تأجيج الأزمات من خلال تدخلها الصريح في الحرب التي تدور في سوريا بين نظام بشار الأسد وخصومه، وكان هذا التدخل سبباً في إزهاق مئات الآلاف من الأرواح، وأبطأ إنضاج الحلول للأزمة السورية.
لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية في حاجة إلى دلائل تؤكد تورط إيران في أزمات المنطقة، فلطالما تباهت طهران بوقوفها إلى جانب نظام بشار الأسد، ودعم حزب الله وجماعة الحوثي والجماعات التخريبية في البحرين، وأعمال الفوضى في المملكة العربية السعودية، إضافة إلى دورها الرئيسي والأكبر في العراق من خلال دعمها للنظام هناك ومده بالخبرات العسكرية والأسلحة، وهي المساعدات التي حولت العراق إلى واحدة من ساحات الحروب الكبيرة، بخاصة بعد تمكن تنظيم «داعش» من السيطرة على الكثير من المناطق في العراق وسوريا.
مواقف الخارجية الأمريكية الجديدة لم تجد قبولاً في إيران، التي عبرت عن ذلك بطريقتها الخاصة، حيث ظهر رئيس الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري، ليعلن أن على أمريكا أن تنقل قواعدها إلى بُعد 1000 كم من إيران، إذا ما أرادت أن تتقي رد فعل طهران، وذلك معناه أن طهران تريد التأكيد أنها قادرة على إيذاء الولايات المتحدة وضرب قواعدها حتى على بعد مسافة ألف كم، إذا ما نفذت واشنطن تهديداتها بفرض عقوبات على شخصيات وكيانات إيرانية داعمة للإرهاب، كما أعلنت الأربعاء الماضي، ما يرفع من حجم التصعيد بين البلدين ويُبقي كل الخيارات مفتوحة خلال الفترة القليلة القادمة.

Sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى