قضايا ودراسات

العالم يتحول إلى وطن للاجئين

فيجاي براشاد
في نهاية يونيو/ حزيران، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الأرقام الجديدة لأعداد النازحين واللاجئين في العالم: 65.9 مليون. وهذا يعني أن 65.9 مليون إنسان يعيشون اليوم كلاجئين، أو طالبي لجوء، أو نازحين داخل بلدانهم وخارجها.
لو كان اللاجئون اليوم يشكلون بلداً، لكان احتل المرتبة 21 بين البلدان الأكثر تعداداً للسكان في العالم. ولكن خلافاً لتلك البلدان، اللاجئون لديهم فقط القليل من الحقوق السياسية، وليس لهم أي تمثيل حقيقي في المؤسسات الدولية.
وقد أعلن رئيس مفوضية اللاجئين فيليبو غراندي مؤخراً أن معظم النزوح واللجوء هو نتيجة للحرب. وقال: «يبدو أن العالم لم يعد قادراً على صنع السلام. فنحن نرى نزاعات قديمة لا تزال مستمرة، ونزاعات جديدة تتفجر، وجميعها تتسبب بنزوح بشر. والنزوح الاضطراري هو علامة على حروب لا تنتهي أبداً».
وقلائل هي البلدان المحصنة ضد واقع الحرب. ولكن جبهة الحرب والنزوح تمتد على طول محور الحرب العالمية التي يقودها الغرب على الإرهاب، وكذلك الحروب من أجل السيطرة على الموارد. وخط النزوح يمتد من أفغانستان إلى جنوب السودان مروراً بسوريا.
والفقر أيضاً هو محرك رئيسي للنزوح. وهو ما يدفع مئات آلاف الناس لمحاولة عبور الصحراء الكبرى ثم التوجه عبر البحر المتوسط إلى بلدان أوروبية. ولكن كثيرين ممن يحاولون هذه الرحلة يلقون مصيراً مميتاً. كلا الصحراء الكبرى والبحر المتوسط خطران.
ووصول النازحين عبر الصحراء إلى ليبيا محفوف بالمخاطر، وكثيراً ما يؤدي إلى الهلاك. ولكن الوصول إلى ليبيا ينطوي على خطر جسيم. فقد أعلنت منظمة الهجرة الدولية (التابعة للأمم المتحدة) حديثاً أنه توجد في ليبيا «أسواق عبيد». وأبلغ مهاجرون نجحوا في الوصول إلى ليبيا محققي المنظمة أنهم وجدوا أنفسهم في أسواق العبيد هذه، حيث تم شراؤهم واقتيادهم إلى سجون خاصة أو أرغموا على أعمال سخرة إلى أن تدفع عائلاتهم فديات مالية كبيرة. ومن جهتها، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» في تقرير أصدرته في فبراير/ شباط الماضي عن تعرض نساء وأطفال في هذه السجون الخاصة للاغتصاب وأعمال عنف.
والخطر يتربص باللاجئين في البحر أيضاً. وحتى الآن من هذا العام، أعلنت منظمة الهجرة الدولية عن وفاة 2108 أشخاص على الأقل في البحر بين ليبيا وإيطاليا. وهذه رابع سنة على التوالي تعلن فيها منظمة الهجرة عن وفيات تزيد على 2000 في منتصف العام.
وليبيا، البلد الذي دمرته حرب حلف الأطلسي عام 2011، تبقى ممراً لهؤلاء الناس الضعفاء الفارين من أنحاء مختلفة من إفريقيا نتيجة لسياسات صندوق النقد الدولي والحروب. ومن المستبعد أن تتناقص أعداد أولئك الذين ينزحون من بلدانهم.
وفي ورقة نشرتها مجلة «ذا لانسيت» الطبية المرموقة (عدد يونيو/ حزيران 2017)، قال بول سبيغل، الرئيس السابق لمفوضية اللاجئين، إن «النظام الإنساني الدولي ليس مهيأ للتعامل مع نوع النزاعات الدائرة في الوقت الراهن». وهو يرى أنه مع وجود 65 مليون إنسان نازح، فإن مختلف مؤسسات الأمم المتحدة، وكذلك المنظمات الأهلية غير قادرة على التعامل مع هذه الأزمة.
وإحدى المشكلات التي حددها سبيغل هي فرضية أن موجات اللاجئين مؤقتة، لأن الحروب ستنتهي في لحظة معينة. ولكن ماذا يحدث عندما تكون الحروب والاحتلالات دائمة؟. عندئذ سيضطر الناس إلى العيش على مدى أجيال في مخيمات لاجئين، أو سيحاولون الهرب عبر ممرات خطرة نحو الغرب.
في 28 يونيو/ حزيران، أبلغت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد اجتماعاً لدول الساحل أنه يتعين على قادة العالم «تجنب المبالغة في التركيز على الأمن… ما من حل عسكري محض يمكن أن ينجح ضد الجريمة المنظمة عبر العالم، وعنف التطرف والإرهاب، ولا ضد الفقر واليأس. العالم لا يتصدى للأسباب الكامنة وراء الهجرة والنزوح… والمزيد من الأعمال العسكرية يعني مزيداً من المشكلات».
وفي عدد يوليو/ تموز لمجلة «لاند يوز بوليسي»، قدر الأستاذان الجامعيان تشارلز غيزلر وبن كارينز، أنه بحلول العام 2100، سيكون هناك مليارا لاجئ نتيجة للتغير المناخي. وهذا رقم صاعق، ولكنه حتمي. وبحلول نهاية القرن، سيشكل اللاجئون أكبر بلد في العالم، بلد بشر يبحثون عن ملاذ من تدمير المناخ والرأسمالية، ومن ارتفاع مستوى البحار، ومن حروب الجشع.

فيجاي براشاد
في نهاية يونيو/ حزيران، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الأرقام الجديدة لأعداد النازحين واللاجئين في العالم: 65.9 مليون. وهذا يعني أن 65.9 مليون إنسان يعيشون اليوم كلاجئين، أو طالبي لجوء، أو نازحين داخل بلدانهم وخارجها.
لو كان اللاجئون اليوم يشكلون بلداً، لكان احتل المرتبة 21 بين البلدان الأكثر تعداداً للسكان في العالم. ولكن خلافاً لتلك البلدان، اللاجئون لديهم فقط القليل من الحقوق السياسية، وليس لهم أي تمثيل حقيقي في المؤسسات الدولية.
وقد أعلن رئيس مفوضية اللاجئين فيليبو غراندي مؤخراً أن معظم النزوح واللجوء هو نتيجة للحرب. وقال: «يبدو أن العالم لم يعد قادراً على صنع السلام. فنحن نرى نزاعات قديمة لا تزال مستمرة، ونزاعات جديدة تتفجر، وجميعها تتسبب بنزوح بشر. والنزوح الاضطراري هو علامة على حروب لا تنتهي أبداً».
وقلائل هي البلدان المحصنة ضد واقع الحرب. ولكن جبهة الحرب والنزوح تمتد على طول محور الحرب العالمية التي يقودها الغرب على الإرهاب، وكذلك الحروب من أجل السيطرة على الموارد. وخط النزوح يمتد من أفغانستان إلى جنوب السودان مروراً بسوريا.
والفقر أيضاً هو محرك رئيسي للنزوح. وهو ما يدفع مئات آلاف الناس لمحاولة عبور الصحراء الكبرى ثم التوجه عبر البحر المتوسط إلى بلدان أوروبية. ولكن كثيرين ممن يحاولون هذه الرحلة يلقون مصيراً مميتاً. كلا الصحراء الكبرى والبحر المتوسط خطران.
ووصول النازحين عبر الصحراء إلى ليبيا محفوف بالمخاطر، وكثيراً ما يؤدي إلى الهلاك. ولكن الوصول إلى ليبيا ينطوي على خطر جسيم. فقد أعلنت منظمة الهجرة الدولية (التابعة للأمم المتحدة) حديثاً أنه توجد في ليبيا «أسواق عبيد». وأبلغ مهاجرون نجحوا في الوصول إلى ليبيا محققي المنظمة أنهم وجدوا أنفسهم في أسواق العبيد هذه، حيث تم شراؤهم واقتيادهم إلى سجون خاصة أو أرغموا على أعمال سخرة إلى أن تدفع عائلاتهم فديات مالية كبيرة. ومن جهتها، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» في تقرير أصدرته في فبراير/ شباط الماضي عن تعرض نساء وأطفال في هذه السجون الخاصة للاغتصاب وأعمال عنف.
والخطر يتربص باللاجئين في البحر أيضاً. وحتى الآن من هذا العام، أعلنت منظمة الهجرة الدولية عن وفاة 2108 أشخاص على الأقل في البحر بين ليبيا وإيطاليا. وهذه رابع سنة على التوالي تعلن فيها منظمة الهجرة عن وفيات تزيد على 2000 في منتصف العام.
وليبيا، البلد الذي دمرته حرب حلف الأطلسي عام 2011، تبقى ممراً لهؤلاء الناس الضعفاء الفارين من أنحاء مختلفة من إفريقيا نتيجة لسياسات صندوق النقد الدولي والحروب. ومن المستبعد أن تتناقص أعداد أولئك الذين ينزحون من بلدانهم.

وفي ورقة نشرتها مجلة «ذا لانسيت» الطبية المرموقة (عدد يونيو/ حزيران 2017)، قال بول سبيغل، الرئيس السابق لمفوضية اللاجئين، إن «النظام الإنساني الدولي ليس مهيأ للتعامل مع نوع النزاعات الدائرة في الوقت الراهن». وهو يرى أنه مع وجود 65 مليون إنسان نازح، فإن مختلف مؤسسات الأمم المتحدة، وكذلك المنظمات الأهلية غير قادرة على التعامل مع هذه الأزمة.
وإحدى المشكلات التي حددها سبيغل هي فرضية أن موجات اللاجئين مؤقتة، لأن الحروب ستنتهي في لحظة معينة. ولكن ماذا يحدث عندما تكون الحروب والاحتلالات دائمة؟. عندئذ سيضطر الناس إلى العيش على مدى أجيال في مخيمات لاجئين، أو سيحاولون الهرب عبر ممرات خطرة نحو الغرب.
في 28 يونيو/ حزيران، أبلغت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد اجتماعاً لدول الساحل أنه يتعين على قادة العالم «تجنب المبالغة في التركيز على الأمن… ما من حل عسكري محض يمكن أن ينجح ضد الجريمة المنظمة عبر العالم، وعنف التطرف والإرهاب، ولا ضد الفقر واليأس. العالم لا يتصدى للأسباب الكامنة وراء الهجرة والنزوح… والمزيد من الأعمال العسكرية يعني مزيداً من المشكلات».
وفي عدد يوليو/ تموز لمجلة «لاند يوز بوليسي»، قدر الأستاذان الجامعيان تشارلز غيزلر وبن كارينز، أنه بحلول العام 2100، سيكون هناك مليارا لاجئ نتيجة للتغير المناخي. وهذا رقم صاعق، ولكنه حتمي. وبحلول نهاية القرن، سيشكل اللاجئون أكبر بلد في العالم، بلد بشر يبحثون عن ملاذ من تدمير المناخ والرأسمالية، ومن ارتفاع مستوى البحار، ومن حروب الجشع.

* بروفيسور الدراسات الدولية في جامعة ترينيتي في الولايات المتحدة وأستاذ كرسي إدوارد سعيد في الجامعة الأمريكية في بيروت. موقع «ألترنت»

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى