قضايا ودراسات

العمل ظهراً

ابن الديرة
يبدأ في منتصف شهر يونيو – حزيران المقبل، العمل بقرار وزارة الموارد البشرية والتوطين، القاضي بحظر تأدية أعمال تحت أشعة الشمس وفي الأماكن المكشوفة، ولمدة ثلاثة أشهر متصلة، تبدأ فترة الحظر يومياً من الساعة الثانية عشرة والنصف ظهراً وحتى الساعة الثالثة قبل العصر، وهو القرار الإنساني الذي تنفذه لصالح العمال والمستخدمين للعام الثالث عشر على التوالي، وبنسبة التزام من المؤسسات والشركات الحكومية والخاصة راقية، تعكس رقي البلد ومجتمعها ومثلها العليا وقوانينها المنظمة لحياتها.
هذا الالتزام الطوعي في غالبه فخر للجميع، إذا ما أضيف إلى عشرات الخدمات المتميزة التي تقدم للعمال في الإمارات، وعلى رأسها حماية الأجور، ومظلتا التأمين الصحي والمعيشي اللتان يتمتع بثمارهما كل العمال، تكون راية الإمارات عالية وبيضاء، بل ناصعة البياض، تستطيع أن تباهي الأمم أنها من أكثر دول العالم حفظاً لحقوق الإنسان وصوناً لآدميته وكرامته وعقائده، التزاماً أخلاقياً ذاتياً نابعاً من تراث وطني يحمل في طياته بذور الخير المزروعة على مستوى العالم كله.
وخلال فترة حظر العمل ظهراً تؤكد الوزارة ضرورة توفير مكان مغطى لجلوس العمال، ولأن الإمارات بلد خير، فتجد عشرات بل مئات القوافل من المتطوعين الذين يتبعون هيئات وجمعيات خيرية أو حتى شركات وفاعلي خير، يجوبون مواقع العمل، يقدمون العصائر والمياه الباردة للعمال.
لقد صاحبت التجربة خلال السنوات القليلة الماضية دعوات إلى زيادة مدة المنع البالغة ساعتين ونصف الساعة حالياً، إذ إن الفترة السابقة على بدئها، وتلك اللاحقة لنهايتها، تكون عادة شديدة الحرارة والرطوبة مرتفعة أيضاً، تماماً كفترة الحظر وقد يكون أكثر، ويطمع أصحاب الدعوات إلى زيادة مدة المنع، وهي ممكنة بناء على ما يلي:
أن الظروف التي عبرت فيها الوزارة عن الجانب الإنساني الأصيل للدولة والحكومة والشعب الإماراتي من خلال فترة حظر العمل ظهراً مستمرة بلا أي تغيير يمكن أن يحسب لصالح العمال.
كما أن الإصابات الناجمة عن التعرض مباشرة لأشعة الشمس، أو بسبب الإنهاك الحراري، تؤثر في إنتاجية العامل سلباً، كما أنها تتطلب علاجاً، سواء كان مجاناً لحالات الطوارئ، أو بمقابل مادي تتحمله جهات عملهم، ففي كل الأحوال هناك خسائر تلحق بالدولة بصورة أو بأخرى نحن في غنى عنها.
ويجب أن تكون هناك مبادرة لدراسة إمكانية تحويل بعض الأنشطة والأعمال من النهار إلى الليل أو لنقل من فترة ما بعد العصر إلى الانتهاء مساء، فالحياة ليلاً جميلة، وفي النهار أيضاً، وستكون بلادنا من الدول الرائدة في هذا المجال، المهم أن يؤخذ الأمر بجدية ليتم الوصول إلى حلول جذرية لمشكلة حرارة الطقس صيفاً.

ebn-aldeera@alkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى