قضايا ودراسات

القدس وخطة الهدم

علي قباجه

القدس تحت العين الصهيونية منذ مئة عام، ولم تتوقف الحملات التغريبية والإحلالية والمصادرات يوماً واحداً. ومع اقتراب الذكرى ال 50 للاحتلال المستمر للمدينة المقدسة، فإن حكومة الكيان صعّدت من وتيرة انتهاكاتها، وبدأت بسلسلة إجراءات غير مسبوقة تؤسس لواقع جديد لا وجود للفلسطينيين ومقدساتهم فيه، فقد عقدت جلسة للمرة الأولى في نفق أسفل حائط البراق الملاصق للمسجد القدسي، في محاولة منها لتوجيه رسائل عدة إلى الفلسطينيين وإدارة الرئيس الأمريكي ترامب والمجتمع الدولي.
فالاجتماع هدف في أساسه للإعلان صراحة عن وضع اليد على القدس كاملة، بخطة خماسية تعزز يهوديتها، وتحطم طموح الفلسطينيين بإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، وأيضاً سعى للرد على بعض تصريحات للمسؤولين الأمريكيين الذين اعتبروا البراق فلسطينياً، ولم يكن «إسرائيلياً» في يوم من الأيام، كما وجه تحدياً إلى الدول الأوروبية بعد جملة من المواقف من هذه الدول الداعمة والمناصرة للحقوق الفلسطينية، ورفضها للمستوطنات.
نتنياهو يعلنها صراحة ودون أي مواربة أن القدس هي للكيان ولا يمكن لأحد مشاركته فيها، وبذلك يكون قد حطم بشكل لا عودة عنه أي أمل أو بقعة ضوء من الممكن أن تكون مرجعية لحل ما، فهو ضرب بالحائط كل المناشدات الفلسطينية للعالم لخلق بيئة خصبة لمفاوضات الوضع النهائي، كما استبق أي مبادرات دولية من الممكن أن تشكل مقدمة لحل، بضربة قاضية لها، وفي هذا الحال يكون طرحها تضييعاً للوقت والجهد، بعد أن تفقد غايتها.
لكن في المقابل المؤسف، هو أن تتذيل القضية التي كانت لطالما المركزية، اهتمامات العالم العربي والإسلامي، وأمسى طرحها في المحافل الدولية أشبه بالمجاملات، والحد الأدنى من الاهتمام بها لم يعد موجوداً، كما أن ما يمر به العالم العربي من احتراب، وضع فلسطين على الهوامش، حيث إن هذا الواقع المحيط فتح شهية «إسرائيل» لاستغلال الظروف الراهنة لتحقيق مآربها، التي لم تكن تطمع بيوم الوصول إليها وقد نجحت في ذلك.
لن يوقف المد الصهيوني واستفزازاته، إلا إرادة حقيقية يتبعها عمل مضنٍ، ولكن هذا الأمر في الظروف الراهنة يبدو مستحيلاً على المستوى العربي، وهنا يأتي دور قيادة السلطة بوقف كل أشكال الارتباط مع الكيان، وأيضاً عدم الانجرار وراء مساجلات سياسية أضنت الفلسطينيين وأرجعتهم سنوات للوراء، وأن توجه سهامها إلى الغطرسة الصهيونية التي سلبت القدس رمز قضيتنا.

aliqabajah@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى