قضايا ودراسات

الكيمياء تعمل جيداً

لم يبدُ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرتاحاً في لقاءاته الخارجية مذ أن أصبح رئيساً، كما بدا أثناء لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أما هذا الأخير، ذو الملامح الصارمة، والمتجهم غالباً، فقد تمكنت الكاميرا من التقاط ابتسامة نادرة له، وهو يستمع إلى ترامب يحادثه خلال اللقاء.
اللقاء عقد على هامش قمة مجموعة العشرين في ألمانيا، وكان مقرراً له أن يستمر نصف ساعة، ولكنه امتدّ لنحو ساعتين وربع الساعة، وبدا الرئيسان راغبين في أن يستمر أكثر، لشدة ما كانا منسجمين في الحديث خلاله. متندراً قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، إن زوجة ترامب، ميلانيا، وبعد أن تجاوز اللقاء الساعة انضمت إلى المجتمعين برغبة «إخراج» زوجها منه، لكنها فشلت، لأن اللقاء استمرّ، بعد ذلك، ساعة أخرى.
لعل النتيجة الإيجابية الوحيدة للقاء هي الاتفاق الذي توصل إليه الرئيسان، والذي يبدو أنه جرى التحضير له قبل ذلك بعناية، لأن بعض وكالات الأنباء كشفت عنه تزامناً مع دخول ترامب وبوتين إلى قاعة الاجتماع المغلق، والمتصل بالهدنة في جنوب غربي سوريا، وتحديداً في مناطق درعا والقنيطرة والسويداء.
وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف الذي حضر اللقاء قال إن خبراء روس وأمريكان وأردنيين اتفقوا في العاصمة الأردنية، عمّان، على مذكرة تفاهم لإقامة منطقة خفض تصعيد، وبالفعل فإن الاتفاق نُفّذ وما زال صامداً حتى اللحظة، وقد يمهد، ولو بعد مخاضٍ سيطول، إلى تسوية شاملة للحرب في سوريا.
وحتى إزاء العقبة الكأداء التي تعترض مثل هذه التسوية، وهي الخلاف على مصير الرئيس السوري بشار الأسد، فإن تيلرسون لمح إلى أن هذا الأمر قابل للتأجيل، حين قال إن واشنطن لا ترى أي دور «في الأجل الطويل» لعائلة الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا، وإن كيفية رحيل الأسد «لم تتحدد بعد»، ما يعني أن فرص الوصول إلى تفاهم حول هذه المسألة في المدى المنظور أمر ممكن.
في التعليق على أجواء اللقاء ونتائجه قال تيلرسون إن الكيمياء تعمل جيداً بين الرجلين، ترامب وبوتين، ولعل هذه الكيمياء بالذات هي ما جعلت ترامب يغفل عن حقيقة أن الدوائر تضيق عليه داخل بلاده حول علاقة بعض المقربين منه بأجهزة روسيّة قبل الانتخابات الرئاسية، وتجري تحقيقات حول دور متوقع للمخابرات الروسية في التأثير في سير الحملة الانتخابية لصالح ترامب ضد غريمته هيلاري كلينتون.
الكيمياء الإيجابية بين الرجلين التي تعمل جيداً، قد تكون هي بالذات السبب الذي قد يؤدي إلى أن تأزف اللحظة التي يتعين فيها على ترامب أن يخلي البيت الأبيض مكرهاً لرجل آخر سواه.
د. حسن مدن
madanbahrain@gmail.comOriginal Article

زر الذهاب إلى الأعلى