قضايا ودراسات

اللوفر.. رسالتنا ضد الإرهاب

نور المحمود

القبة مبهرة، عيون العالم تلتفت إلى «السعديات»، أرض السعادة. والقبة عبارة عن مجموعة طاقات متشابكة يدخل منها النور ليشكل لوحات تنعكس على قلب تلك المساحة من الأرض التي تحتضن مختلف الحضارات.
«اللوفر» هنا، والحلم يتحقق. يقولون في فرنسا إن «الرمال تحتضن اللوفر» في سابقة أولى، وهو تعبير يختصر الكثير ويصف كيف تمكنت أرض عربية من حمل هذا الصرح العريق على راحتيها، لتقدمه هدية للحضارة الإنسانية.
العنوان الذي يتصدر الصحف ويشغل العالم، أن الإمارات تفتتح أول متحف للوفر خارج فرنسا. لكن الحقيقة التي تقف خلف هذا الحدث، هي السر الذي يشع نوراً من أرض أبوظبي، ليحكي على الملأ، قصة لقاء الشرق مع الغرب، في زمن انتشار التمييز العنصري وتفتيت الدول ونشر الفكر المتطرف.
ماذا تعني ولادة متحف اللوفر، على أرض الإمارات؟ لماذا هو أكثر من متحف ومكان يحتفي بالتاريخ ويقدمه بكل الجمال والحب للزوار من مختلف جنسيات العالم؟ فلنعد إلى الهدف الأساسي من إنشاء «اللوفر» في أبوظبي، وهو تقديم الوجه الإيجابي والحقيقي عن العالم العربي، في وقت تشن فيه حملات الترهيب والإرهاب من أجل تشويه صورته والعلاقة التي تربط بين شقي الكرة الأرضية، شرقها وغربها. تلك الرسائل الإرهابية التي أرادت للعالم أن يرى «العربي» بصورة «إرهابي» منذ حادثة برجي مركز التجارة العالمي في أمريكا 11 سبتمبر 2001، رفضها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وقرر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن يكون للإمارات دور فاعل في محاربة الإرهاب والتطرف والعنصرية، ورأب الشرخ ومحاربة العنف عبر التواصل الفكري والثقافي، فجاء التعاقد على بناء هذا المتحف، ليكون الرابط وثيقاً، والنسخة العربية لا تقل شأناً أو قيمة أو جمالاً عن النسخة الفرنسية الأم.
حدث ننظر إليه بأبعاده السياسية والثقافية والإنسانية، ننحني أمام الإرادة الصلبة التي صممت على تنفيذ هذا المشروع الضخم في أبو ظبي، ليكون الرسالة الحية والحيوية العصرية، من الأرض التي أرادت أن تجمع الماضي بعراقته، مع الحاضر والمستقبل وتحدياته في آن واحد. تدفع الشباب نحو التطور العلمي، تدعم التكنولوجيا، تطور أدواتها، تتطلع إلى الوصول للمريخ، وفي نفس الوقت تفتح باباً على الماضي، لتأخذ بأيدي هؤلاء الشباب وتعيدهم إلى الوراء، إلى التراث الإبداعي الإنساني، إلى التاريخ، إلى الفنون، اللغة التي توحد الشعوب، حيث لا حروب ولا تنافر ولا أحقاد.. دون أن تنسى الصغار أيضاً، حيث يضم اللوفر متحفاً للأطفال من 200 متر مكعب.
اللوفر رسالة حيوية وحية، من الإمارات ومن كل بلد عربي، إلى العالم وإلى الشباب تؤكد ضرورة التمسك بالحضارات والتاريخ والجذور، كي نستطيع أن نعيش في الحاضر بسلام وتسامح وتصالح، ونقرأ المستقبل بوعي وتفهم وتفاهم.

noorlmahmoud17@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى