قضايا ودراسات

المستقبل والخوف والأمل

شيماء المرزوقي
البعض يتوجس ويتخوف من المستقبل، بل يصيبه القلق والحيرة عندما يفكر فيه. البعض من الآباء والأمهات هم أكثر من يزرع مثل هذه المخاوف في قلوب أبنائهم، عندما يحدثونهم عن مستقبل مظلم وقاسٍ ينتظرهم، إنْ هم لم يستذكروا دروسهم ويهتموا بفروضهم المدرسية. وبطبيعة الحال فإن مخاوف الوالدين مبررة، ولكنهما عندما يقرنان ويربطان هذه المخاوف بموضوع محدد مثل المدرسة، فهنا يكون الخطر الجسيم؛ لأن المرحلة الدراسية ممتدة لسنوات طويلة من عمر الابن، وفي أي مرحلة من مراحلها قد يتعثر لأي سبب، وبالتالي يخفق، وهناك قد تنبع المخاوف في ذهن الابن نتيجة لفشله؛ لأنه سيستحضر تنبيهات الأبوين المتكررة عن المستقبل المظلم، الذي ينتظر كل من يفشل وكل من تتراجع درجاته العلمية. المخاوف من المستقبل غير مبررة وغير عملية، خاصة عند استخدامها في الجانب التربوي.
نظرتنا نحو المستقبل تتأثر دوماً بنمط وطريقة تفكيرنا، وأيضاً بأولوياتنا، وما نجيد تنفيذه ومعرفته، فالموضوع لا يتعلق بجانب تربية الأطفال وإعدادهم للمستقبل وحسب، وإنما يتجاوزه للجانب النفسي الذاتي الشخصي للإنسان نفسه، بمعنى كيف نظر كل واحد منا لمستقبله؟ ما الذي نعدّه للعام القادم؟ ما هي خططنا وبرامجنا؟ كثيرون هم من يسيرون في الروتين، ويندمجون مع مهامهم اليومية، دون التوقف ولو للحظات، والتفكير في الغد والإعداد له. المشكلة دوماً أن الكثيرين منّا وفي أحلك الظروف، يعودون نحو الماضي في أول عائق أو صعوبة أو مشكلة تعترضهم، وكأنهم سيجدون فيه حلاً أو مخرجاً. وكما قال الروائي العالمي جابرييل جارسيا ماركيز: «استحضار الماضي لا يمكنه إنقاذ المستقبل». الشيء الوحيد المؤكد هو أن المستقبل ليس شبحاً، ولا هو فزاعة نرفعها في أوجه أطفالنا لنحثهم على الدراسة، ولا هو سوداوي ومظلم، هو ما أنت عليه اليوم. هو الذي تفعله وتنجزه وتخططه الآن. المستقبل هو الذي تبذله في حاضرك، فكلما كنت مبدعاً مبتكراً متوجهاً نحو المعرفة، ساعياً للتطوير والتحديث، فإن مستقبلك سيكون أجمل وأفضل، وأيضاً أكثر راحة.

Shaima.author@hotmail.com

Www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى