قضايا ودراسات

المعارضون في فنزويلا وقضيتهم العادلة

آن ماري سلوتر، فابيانا بيريرا
شاهد الملايين من الناس في مختلف أنحاء العالَم صورة وويلي أرتيجا يبكي بعد أن حطمت قوات الأمن الفنزويلية كمانه. انضم أرتيجا الذي يبلغ من العمر 23 عاماً إلى الاحتجاجات ضد حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو من خلال عزف أغان وطنية على كمانه. ويحدثنا مظهره اليائس بما يشعر به كثيرون في فنزويلا وهم يتساءلون إلى متى يتعين على بلادهم أن تعاني العنف وإساءة الحكم.
منذ أن بدأت احتجاجات الشوارع التي تنظمها المعارضة في الأول من إبريل/نيسان، توفي ما لا يقل عن 115 من المحتجين في فنزويلا. وكانت أعمار أكثر من 50 من القتلى أقل من ثلاثين عاماً، أغلبهم من المراهقين.
الواقع أن تقدير حجم وديموغرافية الحشود الاحتجاجية أمر صعب دائما؛ ولكن بوسعنا أن نتبين أمرين واضحين بشأن الاحتجاجات الدائرة اليوم في فنزويلا. فهي أولاً أعرض اتساعاً وأكثر تنوعاً على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، مقارنة بأي احتجاجات ضد مادورو في عام 2014، والتي بدا أنها تتألف في الأغلب الأعم من أهل فنزويلا المنتمين إلى الطبقة المتوسطة. وثانياً، الكثير من المحتجين اليوم من الشباب.
استمرت الاحتجاجات الحالية لأكثر من تسعين يوماً. ويحتج الشباب الفنزويليون ضد ارتفاع معدلات البطالة والافتقار إلى الفرص الاقتصادية.
ويشكل الشباب بشكل خاص خطورة في نظر النظام لأنهم ليس لديهم ما قد يخسرونه الآن، ولكنهم يخسرون كل شيء في المستقبل. وكما قال أحد قادة الطلاب في عام 2014، «ينبغي لنا أن نحتج لأن الحكومة تسرق مستقبلنا». وفي المقابل، يميل الناس الأكبر سناً إلى إجراء الحساب المعاكس: فهم لا يريدون المجازفة بما لديهم الآن من ممتلكات وسبل معيشة طلباً لمستقبل غير مؤكد. ولكنهم رغم ذلك يتبعون أبناءهم أحياناً عندما ينزلون إلى الشوارع.
ولا يستطيع النظام أن يلوم إلا نفسه عن الاحتجاجات اليوم. وصل شافيز إلى السلطة ممتطياً موجة من الشعبوية في عام 1998، وكان كثيراً ما يتباهى بجهوده للحد من البطالة. واستثمرت حكومته بشكل مكثف في التعليم العالي، وبحلول عام 2010، احتلت فنزويلا المركز الخامس على مستوى العالم في معدلات الالتحاق بالجامعات. وكان عدد كبير من الجامعات الحكومية التي أنشئت خلال هذه الفترة منحازة إلى النظام. في المقابلات، كان الطلاب يقولون إن النظام يلزمهم بالمشاركة في التجمعات المؤيدة للحكومة؛ ولكنه وعدهم أيضاً بوظائف حكومية بعد التخرج.
ولتحقيق هذا الوعد، استغل النظام العائدات النفطية الكبيرة في ذلك الوقت لتوسيع القطاع العام. ولكن إنفاق عوائد النفط على تعليم الطلاب لإعدادهم لوظائف تعتمد على عوائد النفط في المستقبل لا يصلح كنموذج اقتصادي مستدام. وقد بات هذا واضحاً بشدة في عام 2014، عندما بدأت أسعار النفط تتجه نحو الهبوط السريع.
وقد ترك انهيار أسعار النفط، جنباً إلى جنب مع سنوات من سوء الإدارة الاقتصادية، للشباب توقعات عالية، ولكن بلا آفاق حقيقية. ويبدو أن الحل الوحيد لدى حكومة مادورو هو تعزيز القمع.
والواقع أن الدموع التي أراقها أرتيجا على آلته الموسيقية وبلاده، مثلها كمثل صور المشيعين في جنازات المحتجين الشباب، توضح هذه الديناميكية تماماً: فقد نزل الشباب إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير والفرصة، وردت عليهم الحكومة الحكومة المبنية على وعود لا يمكنها الوفاء بها بالضرب والرصاص. وبعد أن فشلت في الوفاء بالتزاماتها، تخون أبناء أنصارها بالعنف الذي كانت تحتفظ به ذات يوم لنخب البلاد.
السؤال الآن هو من قد يستسلم أولاً. كان شعار الاحتجاجات غير الرسمي في عام 2014 «من يتعب يخسر». ولكن في تلك المناسبة، كان التعب والإجهاد من نصيب المعارضة، وتلاشت الاحتجاجات مع انطلاق بطولة كأس العالم.
هذه المرة، تقدمت المعارضة بمطالب ملموسة، وتعهدت بالبقاء في الشوارع إلى أن تُلبى هذه المطالب. وهم يدعون الحكومة إلى عقد انتخابات رئاسية نزيهة، وإطلاق سراح كل السجناء السياسيين، وفتح ممر إنساني للبلاد لتلقي المعونات الغذائية والطبية المطلوبة بشدة.
لقد حَمَّل مادورو المحتجين المسؤولية عن نقص الضروريات في البلاد. ولكنه سوف يحتاج إلى ما هو أكثر من الخطابة الشعبوية لتهدئة الناس هذه المرة. لقد تحدث الفنزويليون بصوت عال وواضح: لقد سأموا الشعبوية، ولن يتركوا الشوارع تعباً.

آن ماري سلوتر، رئيسة مؤسسة نيو أمريكا ومديرتها التنفيذية.
فابيانا بيريرا، مرشحة لنيل شهادة الدكتوراه في جامعة جورج واشنطن، وزميلة برنامج تعطيل السياسة الخارجية لعام 2017.
ينشر بترتيب مع بروجيكت سنديكيت.Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى