النساء يحملن عبء نقل المياه

بيتاني كاروسو
تتحمل النساء والفتيات في المناطق التي يشح فيها الماء، ولا سيّما في الأرياف والقرى النائية، مسؤولية نقل المياه من مصادرها إلى المنازل، رغم ما في ذلك من صعوبات ومخاطر وهدر للجهد والوقت.
تخيَّلْ أنْ تقضي يومك، دون أن يكون في منزلك ماء نظيف مأمون للشرب والطبخ والغسيل والاستحمام، كلما احتجت إليه. وفقاً لتقرير جديد من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ومنظمة الصحة العالمية، يواجه 2.1 مليار شخص في العالم هذا التحدي كل يوم. وتقع مهمة توفير المياه للأسر على عاتق النساء والفتيات بشكل غير متناسب، ولا سيّما في المناطق الريفية.
والماء، وهو حق من حقوق الإنسان، بالغ الأهمية لبقاء الإنسان وتطوره. وتوفير إمدادات كافية من المياه الآمنة بيولوجياً وكيميائياً، أمر ضروري للشرب والنظافة الشخصية، وللوقاية من أمراض الإسهال والتراخوما وعدوى الديدان المعوية، وتقزُّم النمو بين الأطفال، والعديد من العواقب الضارة الأخرى التي تنجم عن الملوثات الكيماوية مثل الزرنيخ والرصاص.
وقد أجريْتُ بحوثاً في الهند، وبوليفيا وكينيا حول التحديات المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، التي تواجهها النساء والفتيات، وكيفية تأثير هذه التجارب على حياتهن. وعلى مدى عملي الميداني، رأيت فتيات في سن المراهقة، ونساء حوامل، وأمهات لأطفال صغار يحملن المياه. ومن خلال المقابلات التي أجريتها معهن، اطَّلعتُ على المصاعب والمشاق التي يواجهْنها عند النهوض بهذه المهمة الإلزامية.
ويشكل عدم كفاية إمدادات المياه المأمونة، سهلة المنال، مخاطر وتحديات إضافية للنساء والفتيات. وبدون الاعتراف بالعبء المجحف الذي تتحمله النساء في العمل في نقل المياه، سوف تظل البرامج الحسنة النية التي تهدف إلى إيصال المياه إلى الأماكن التي تحتاج إليها، فاشلة في تحقيق أهدافها.
وجلْبُ المياه وتجميعها يستغرقان وقتاً طويلاً. ولمجرَّد جلب المياه للشرب والاستحمام والطبخ وغير ذلك من الاحتياجات المنزلية، تقضي الملايين من النساء والفتيات ساعات طويلة كل يوم في الذهاب إلى موارد المياه، والانتظار في طوابير، وحمل أحمال ثقيلة- مرات عديدة في اليوم على الأغلب.
وفي دراسة أجريتْ على 25 دولة في إفريقيا، جنوبيَّ الصحراء الكبرى، قدّرت "اليونيسيف" أن النساء يُمضين 16 مليون ساعة في جمع الماء كل يوم. وذكرت نساءٌ في دراسة حديثة في كينيا أنهن يقضين ما معدّله 4.5 ساعة في جلب المياه كل أسبوع، ما يسبب ل77% منهن القلق على أمنهن أثناء جلب المياه، ويمنع 24% من الاعتناء بأطفالهن.
وفي كثير من الأماكن، تكون موارد المياه بعيدة عن المنازل. وفي آسيا وإفريقيا، تسير النساء ما معدله 6 كليو مترات يومياً لجمع المياه. ويمكن أن يؤدي حمل مثل هذه الأثقال مسافات طويلة، إلى انحناء الظهر، وإجهاد الكتفين والرقبة، وغير ذلك من الإصابات، إذا اضطرت النساء إلى السير في طرق غير ممهدة أو مزدحمة، أو عبر تضاريس شديدة الانحدار.
كما أن جلب المياه، يمكن أن يكون بالغ الخطورة على النساء والفتيات. فقد يواجهن نزاعات عند مصادر المياه، وخطر الاعتداء البدني أو الجنسي. وينشأ العديد من هذه الأخطار أيضاً، عندما لا تتمكن النساء من الوصول إلى مراحيض آمنة ونظيفة ومستورة، أو مرافق مناسبة لقضاء الحاجة، أو التعامل مع الدورة الشهرية.
إن الطلب العالمي على الماء يتزايد. وتتوقع الأمم المتحدة، أنه إذا لم تتغير الأنماط الحالية لاستخدام المياه، فإن الطلب العالمي سوف يتجاوز العرض بنسبة 40% بحلول عام 2030. وفي مثل هذا السيناريو، يصعب أن نتخيل تحسُّن تجارب النساء والفتيات، من دون جهود مدروسة.
وهنالك حاجة إلى استراتيجيات أوسع للحد من أوجه التفاوت بين الجنسين في الحصول على الماء. أولاً، نحتاج إلى جمع المزيد من البيانات عن أحمال النساء من المياه وكيفية تأثيرها على صحتهن ورفاههن وتطوّرهن الشخصي. ثانياً، يجب إشراك النساء في وضع وإدارة البرامج الموجهة من أجل التخفيف من هذه المخاطر. ثالثاً، يجب تقييم هذه البرامج لمعرفة ما إذا كانت تحسّن حياة النساء فعلاً. وأخيراً يجب التخلي عن العرف الاجتماعي الذي يرسخ الفكرة التي تقول إن العمل في جلب المياه، يخص النساء دون غيرهن.
زميلة أبحاث ما بعد الدكتوراه، في قسم الصحة البيئية، في جامعة ايموري (الأمريكية).
موقع: ذي كنفرسيشن