الهواية والوظيفة.. التضاد والالتقاء
هل سبق أن سمع أحدكم بوجود شخص يقول إن وظيفته هي هوايته المفضلة؟ أو هل سبق وسألت شخصاً عن هوايته؟ وكانت الإجابة أنها في أداء مهام العمل اليومي الذي يتقاضى بسببه راتبه الشهري، ومن خلال هذا الراتب يسدد فواتيره واحتياجاته.
أكاد أجزم بأنكم لم تلتقوا بمثل هذا الشخص، بل أكاد أجزم بأن الكثيرين منا ليس من تفكيرهم أن الوظيفة التي يقضون فيها يومياً أكثر من ثماني ساعات هي بمثابة هواية محببة للنفس.. لنتوقف قليلاً وبشكل موجز أمام مفردة «هواية» ومعناها، ولنفهم السبب في عدم اعتبار مقر العمل مكاناً لممارسة الهواية، أو أن يكون مقر العمل كخيار يسمى هواية.. كتعريف للهواية جاء في معجم المعاني الجامع، أنها تعني: «اللعب أَو العمل المحبوب يشغف به المرء ويقضي أَوقاتَ فراغه في مزاولته دون أَن يحترفه».
إذاً الهواية عمل وفيها بذل جهد، وفي أحيان قد يكون جهداً أكثر مشقة وتعباً من الوظيفة نفسها.. ورغم هذا، فإن النفس تهفو نحوه وتحب أن تمارسه بين وقت وآخر، أما الوظيفة التي نقوم بها ومن خلالها نؤدي مهام ومسؤوليات منوطة بنا، فلا نراها سوى واجب أو طريق محدد لا يمكننا من الحصول على خيارات ذاتية شخصية تناسبنا، بل إنه ومنذ الصباح الباكر وحتى منتصف النهار، نكون في طحن هذه الوظيفة وبشكل يومي، فكيف نستطيع اعتبارها هواية؟
أن تكون الوظيفة هواية لدى الجميع فهو مستحيل، لعدة أسباب، أولاً تتباين الهوايات وتختلف الرغبات في هذا السياق، فهناك الهوايات الرياضية الحركية، وهناك الهوايات المتعلقة بالاستجمام والتفكير والتأمل، وهناك هوايات القراءة والمعرفة، وغيرها الكثير، وقد يكون أي من تلك الهوايات متباعدة ومختلفة بشكل تام وواضح مع طبيعة الوظيفة والعمل المنوط بهذا الشخص أو ذاك.
الفصل بين مفهوم الهواية والوظيفة حتمي، ولكننا نستطيع التقريب بينهما، وفائدة مثل هذا التقريب، ستكون جلية وواضحة، لعل من أوجه الفوائد الجمة زيادة الإنتاج والدقة في الانضباط.. لكن دوماً الهواية شيء والوظيفة شيء آخر مختلف، وتبقى الهوايات مجالاً خصباً لأرباب العمل، يمكنهم انتهازها لتكون حافزاً لموظفيهم لمزيد من الإنتاج والإبداع، إذا وضعوا برامج تدفع بموظفيهم لممارستها، فالهواية في مسيرة الإنسان مهمة وتزيد من حيويته وتجدد نشاطه وتخرجه من حالة الجمود والإحباط.
شيماء المرزوقي
Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.comOriginal Article