قضايا ودراسات

اليوم العالمي للاجئين: التعاون لبناء مستقبل أكثر إشراقاً

طارق القرق

21.3 مليون لاجئ، هذا هو العدد الحالي للاجئين حول العالم وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهو ما يزيد على ضعف عدد سكان دولة الإمارات العربية المتّحدة. ورغم ذلك، فقد أصبحنا غير آبهين بالأرقام التي تؤكد أن حجم المأساة الإنسانية لأزمة اللاجئين حول العالم باتت تخرج عن نطاق السيطرة وتتحول إلى مجرد إحصاءات لا معنى لها. ولكن دعونا نسلط الضوء على المعنى الحقيقي لكلمة «لاجئ».
عرّفت الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين برعاية الأمم المتحدة اللاجئ على أنه شخص يخرج من بلده بسبب خوف مبرر من التعرض للاضطهاد نتيجة العرق أو الدين أو الجنسية أو الآراء السياسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة، وهو لا يستطيع أو غير قادر نتيجة لهذا الخوف على الاستفادة من حماية بلده أو العودة إليه. لذلك فإن اللاجئ هو من أجبرته الظروف على مغادرة بلده خوفاً من الاضطهاد والحرب والعنف مع احتمال عدم العودة إليه أو الخوف من القيام بهذه الخطوة. وهذا يعني بطبيعة الحال أنه ترك وراءه، ربما إلى الأبد، كل ما هو عزيز عليه مثل الوالدين والإخوة والأخوات والأصدقاء. وخسر منزله وألعابه وضاعت أحلامه وفرص تعليمه وغيرها الكثير.
ويقترن اللجوء بالمستقبل الضائع، حيث يفقد اللاجئ خططه ويتم تعليق آماله وأحلامه ويُستبدل ذلك بالخوف وعدم الاستقرار. ومع ذلك، نحن في دبي العطاء على ثقة بأن تعليم الأطفال اللاجئين من شأنه تقليل حالة عدم الاستقرار هذه. حيث يوفر التعليم للفتيات والفتيان الأدوات والمهارات اللازمة لتغيير مستقبلهم ومستقبل بلدانهم، كما أن الالتحاق بالمدرسة قد يعيد بعضاً من الأمان وجوانب الحياة الطبيعية.
وخلال عام 2015، أشارت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى أن الأطفال اللاجئين سيكونون عرضةً لخطر الوقوع في الفقر على مدى أجيال إذا لم تُوفر لهم فرص التعليم الضرورية والدعم اللازم لإعادة بناء حياتهم واكتساب المهارات الرئيسية. ومن شأن ذلك أيضاً أن يؤجج حالة انعدام الاستقرار الاجتماعي ويقلص فرص الانتعاش والازدهار. فالأطفال الذين انقطعوا عن الدراسة أو التعليم غير الرسمي، سيفقدون فرصة مواتية لاكتساب المهارات الأكاديمية والاجتماعية وبالتالي تنخفض إنتاجيتهم ومستويات دخلهم المحتملة على مدى الحياة. وغالباً ما يتحمل الأطفال اللاجئون وطأة الظروف العصيبة وانعدام الاستقرار. وبحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فإن نصف الأطفال اللاجئين في سن الدراسة الأساسي، وثلاثة أرباعهم ممن هم في سن الدراسة الثانوية، غير ملتحقين بالمدرسة. ونتيجةً لذلك، سيؤدي فقدان رأس المال البشري بسبب سوء التعليم والصحة، إلى آثار طويلة الأمد على الإنتاجية وفرص سوق العمل بالنسبة لهؤلاء الأطفال.
وعلاوةً على ذلك، يشكل الحصول على التعليم عنصراً مهماً في نجاح عملية دمج اللاجئين في المجتمعات المضيفة لاسيما وأن الخلل في الحياة الطبيعية وانعدام الأمان في مخيمات اللاجئين سيؤدي إلى أضرار على صعيد التنمية الجسدية والفكرية والنفسية والثقافية والعاطفية والاجتماعية مع آثار سلبية طويلة الأمد على مستوى رفاهيتهم وأطفالهم المستقبليين.
وفي محاولة لتوفير فرص التعليم للأطفال اللاجئين ممن يعانون وطأة الظروف غير المستقرة، تتطلع دبي العطاء إلى إنشاء بيئات تعليمية آمنة وقابلة للتنبؤ من خلال استراتيجيتها للتعليم في حالات الطوارئ. حيث تتمحور رؤيتها حول اختبار النماذج والممارسات التعليمية لتقديم الأدلة للجهات العالمية الفاعلة حول أفضل الطرق والممارسات لتوفير فرص التعليم في حالات الطوارئ. وتركز جميع البرامج ضمن هذه الاستراتيجية على سياق محدد حيث تلبي الاحتياجات الفريدة لمجتمعات اللاجئين. كما تهدف هذه البرامج إلى تعويض فرص التعليم التي يفتقدها الأطفال اللاجئون وكذلك ضمان مستوى معيشي أفضل لهم في المستقبل.
واليوم، وبمناسبة اليوم العالمي للاجئين، علينا أن ندرك أن أعداد اللاجئين وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، لذا علينا كأعضاء في المجتمع الدولي توحيد جهودنا وإنهاء معاناتهم حول العالم. بما أن الأطفال هم بناة المستقبل، علينا أن نوفر لهم جميعاً السبل الضرورية لبناء مستقبل أكثر إشراقاً عبر تمويل البرامج، ولاسيما البرامج التعليمية في حالات الطوارئ. ويشكل الاستثمار في تعليم الأطفال رسالة نبيلة من شأنها إحداث أثر إيجابي دائم في حياة الأطفال. ومن خلال التصميم والإرادة يمكن لهذا الطموح أن يبصر النور على أرض الواقع.


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى