قضايا ودراسات

انتبهوا لنجاحاتكم الصغيرة

شيماء المرزوقي

يعتقد البعض أن تحقيق الإنجازات الكبيرة أو تلك التي يكون لها دوي وصدى بين الناس، هو بمثابة ضربة حظ، أو تحدث وفق ظروف تتضافر وتدفع بهذا الإنجاز نحو التحقق، ودون شك فإن مثل هذا الظن خاطئ تماماً، بل يتنافى مع الواقع ومع ما نعرفه عن النجاح وما يختزنه من البذل والجد والاجتهاد والتخطيط والعمل والتضحية والإخلاص، لأن هذه القيم جميعها من متطلبات الإنجاز والتفوق، أما حجم هذا النجاح وأين سيصل؟ فهذا موضوع آخر، وليس له علاقة بالحظ لا من قريب ولا من بعيد.
في الحقيقة ليس المهم حجم النجاح ومداه، بقدر أهمية الحاجة له، وبقدر ما هو مطلوب منك أو وفق قدراتك، التطلع نحو الأعظم ونحو الأكبر ونحو الأفضل من البديهيات التي نسعى نحوها بجد ومثابرة، لكنني أعتقد أن النجاح الأهم في هذا السياق يتعلق بالنجاح اليومي، فهو الذي من خلاله نمهد الطريق نحو المزيد من المنجزات القادمة، نجاحاتنا اليومية على درجة عالية من الأهمية ودونها لن نحقق أي تفوق، لذا دوماً البداية تكون من هذه المنجزات التي لا نشعر بها ولا نمنحها ما تستحق من الاهتمام لأنها بالنسبة للكثير هي حدث يومي اعتيادي، ولكن لو أمعنا النظر فيها وتوقفنا لمراجعتها سنجدها نجاحاً يستحق الإشادة والتقدير.
على سبيل المثال لا الحصر، توجهك لمقر عملك بتفاؤل وابتسامة هو نجاح يومي، حماسك في أداء وظيفتك ومحاولة التطوير والإنجاز بشكل أسرع وأكثر دقة هو نجاح، صبرك على أطفالك ومتطلبات أسرتك وظروف الحياة بصدر رحب هو نجاح، تفاعلك الاجتماعي الإيجابي مع الآخرين ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم هو نجاح، تخصيص أوقات للترفيه والترويح عن النفس هو نجاح، منحك زوجتك حقها في العمل والدراسة والإبداع والتميز هو نجاح.
يقول الدكتور ستيفن آر.كوفي، أستاذ السلوك المؤسسي وإدارة الأعمال ومؤلف العديد من الكتب الأكثر إبداعاً والتي لاقت انتشاراً كبيراً بين القراء: «يعد النجاح اليومي طريقة معيشة وليس مجرد حدث يقع مرة واحدة في الحياة، فهو يخبرنا بالمزيد عن شخصية الفرد وليس عما يملك، يتحدث عن بواعث الأفراد أكثر من التحدث عن مواهبهم، عن الأفعال الصغيرة والبسيطة أكثر من الإنجازات الضخمة، إنه النجاح المتواضع». أعتقد أن النجاحات العظيمة لا تقوم بشكل مفاجئ، إنما تقوم على مثل هذه النجاحات الصغيرة المتواضعة التي نؤديها بشكل روتيني يومي، دون الالتفات لأهميتها وأثرها.

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى