قضايا ودراسات

بورخيس ومانغويل.. العربيان

يوسف أبولوز

يذكر الكاتب الأرجنتيني «البرتو مانغويل» في حوار حول الكتب والقراءة مع الصحفية المهنية غالية قباني (الشرق الأوسط ١٦-١١-٢٠١٧) أن مكتبته تضم ٤٠ ألف كتاب، ولو وضعنا معدلاً وسطاً لسعر الكتاب الواحد الذي اشتراه مانغويل فهو يكون قد أنفق حوالي المليون دولار على الكتب، وعلاوة على ذلك هو مدير المكتبة الوطنية في «بوينس آيرس».. دوام منتظم في النهار بين الكتب، وإقامة دائمة في الليل في بيته بين الكتب، وبذلك فهو كائن «كتبي» تماماً، وكائن قراءة تماماً، وهذه الكينونة جعلته يضع أربعة كتب جعلت منه بحسب قباني أول من أسس إلى نوع جديد من الأدب سمته «علم القراءة».
المهم هنا في هذا الحوار وبشأن ما يخصنا نحن العرب أنه كشف عن تنظيم معرض مشترك كبير بعنوان «بورخيس والعرب» مع مدير مجلس المكتبات العامة خالد الخميسي في القاهرة، وكشف مانغويل أيضاً أن سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» نهبت وسرقت آلاف الكتب والمخطوطات من بيوت الفلسطينيين في عام ١٩٤٨، وقال إن هذه الكتب والمخطوطات بعد سرقتها ظهرت مرة أخرى في المكتبة الوطنية «الإسرائيلية».
بالنسبة لمعرض بورخيس في القاهرة تجدر الإشارة إلى أن مكوناً كبيراً في شخصية بورخيس صاحب المتاهات والقصص الأسطورية يعود إلى الثقافة العربية الإسلامية، ودائماً ما يشير إلى أن هذا الأثر ليس في ثقافته الشخصية فقط، بل وإلى أثر ثقافتنا العربية الإسلامية مبكراً في ثقافات وحضارات العالم.
العرب، إذاً، لهم حصة كبيرة في «بورخيس» القامة الأدبية العالمية (ومع ذلك لم يحصل على نوبل) ومعرضه المزمع تنظيمه في القاهرة مناسبة مهمة جداً لاستعادة بورخيس عربياً، والإضاءة عليه في ملتقى أو في مهرجان عربي أرجنتيني يقارب بين ثقافتين وحضارتين كان هو جذراً من جذورها الأدبية والإنسانية.
«ألبرتو مانغويل» أيضاً عاشق كبير للثقافة العربية، وهو أبدى استغرابه من أن محمود درويش لم يحصل على نوبل مثل بورخيس، وأريد القول هنا على شكل اقتراح أن مانغويل صاحب الكتب الأدبية الجديدة: المكتبة في الليل، ويوميات القراءة، وتاريخ القراءة، جدير بأن يكون ضيفاً ثقافياً على أحد معارض الكتب العربية، بل يستحق أن يكون الشخصية الثقافية في الوسط الثقافي العربي وفي مناسباته العديدة مثل الجوائز الأدبية أو معارض الكتب، كنوع من التحية والتكريم لهذا الكاتب المؤسس لعلم القراءة.
بقيت النقطة الثانية التي أشار إليها مانغويل وهي سرقة «إسرائيل» لكتب ومخطوطات فلسطينيي ١٩٤٨، وهذه ليست جديدة على كيان سرق الأرض بأكملها وحاول سرقة ذاكرتها وثقافتها. ونقول هنا إنه من واجب وزارة الثقافة الفلسطينية اليوم وليس غداً أن تطالب بإعادة هذه الكتب والمخطوطات إلى الخزانة الفلسطينية، ومكانها المكتبة الوطنية الفلسطينية إذا كان هناك مكتبة بهذا الاسم، ولا يجب السكوت على هذه السرقة التي ربما كشف عنها «مانغويل» للمرة الأولى.. والمسؤولون الفلسطينيون.. نائمون.

y.abulouz@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى