قضايا ودراسات

بيافرا.. بذرة الانفصال

فيصل عابدون
يصادف اليوم الثلاثون من مايو الذكرى الخمسين لأول دولة انفصالية خاصة بعرقية الإيبو في إقليم بيافرا النيجيري والتي حافظت على استقلالها لثلاث سنوات فقط، واعترفت بها أربع دول إفريقية بالإضافة إلى هايتي والبرتغال ودعمتها «إسرائيل» بالسلاح، قبل أن تجتاح جيوش الحكومة النيجيرية عاصمتها أوبري في يونيو عام 1970، وتستعيد الإقليم المنشق وتضع نهاية للدولة الانفصالية الأولى في إفريقيا ما بعد الاستعمار. لكن بذور الانفصال مازالت هناك تحت التراب وهي تنمو وتترعرع وتهدد مستقبل الوحدة في هذا البلد.
ومثلما هو الحال في العديد من الدول الإفريقية فإن حقيقة الصراع تكمن في قضايا التهميش والهيمنة والتوترات العرقية والثقافية. وهي ذات التعقيدات المتماثلة التي خلفها الاستعمار في القارة. ويتشكل النسيج السكاني النيجيري من 300 مجموعة مختلفة من الأعراق أبرزها قبائل الهوسا المسلمة في الشمال وقبائل اليوروبا نصف المسلمة ونصف المسيحية في الجنوب وقبائل الايبو المسيحية التي تقطن المناطق الجنوبية الشرقية ومثلت هذه الاختلافات والعجز عن استيعابها في إطار وطني جامع السبب الرئيسي للشقاق والتمرد واندلاع الحرب.
وتقدر المصادر ضحايا الحرب الأهلية التي فجرها إعلان الانفصال بأكثر من مليوني قتيل وثلاثة ملايين مشرد وعشرات آلاف قتلهم الجوع وتفشي الأوبئة. كما تسبب الصراع في تدمير البنية التحتية للإقليم الذي يضم 80 % من احتياطي النفط في نيجيريا.
وعلى الرغم من الماضي الكئيب ومرور السنوات فإن الدعوة الانفصالية لم تمت واكتسبت مزيداً من الزخم بعد العودة إلى الديمقراطية عام 1999. وتعبر الحركة الانفصالية حاليا عن نفسها عبر مجموعتين رئيسيتين هما«حركة الشعوب الأصلية لبيافرا» و«حركة إقامة دولة بيافرا السيادية».
وكشفت دراسة ميدانية أجرتها مجموعة استشارية في لندن عن أن هناك «دعما متزايدا لبيافرا (مستقلة) في مناطق الجنوب والجنوب الشرقي».
وقال 42 بالمئة من الأشخاص الذين استطلعوا إنهم يأملون في انبعاث بيافرا، بينما طالب النصف الآخر بنيجيريا موحدة شرط تطبيق «نظام فدرالي حقيقي».
وحذر نائب الرئيس النيجيري يمي اوسينباجو الأسبوع الماضي من خطر التفكك، في بلد مقسم اثنيا وثقافيا. وقال إن الذكرى الخمسين لإعلان استقلال بيافرا «فرصة لإجراء مراجعة للذات فردية وجماعية».
وأضاف أن «البعض يرون اليوم أن علينا العودة إلى القوميات الاتنية التي تشكلت منها نيجيريا». وتابع «بالتأكيد تكمن قوتنا في التنوع ونحن معا أفضل مما لو كنا منفصلين عن بعضنا».
والمطالب الانفصالية لا تقتصر على بيافرا وحدها فهناك سلسلة من المطالب الاستقلالية المتفاوتة في درجة عنفها لكنها تمثل تهديداً جدياً للوحدة.

Shiraz982003@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى