قضايا ودراسات

تثقيف وقائي

خيري منصور
ما يتم تداوله إعلامياً حول البعد الثقافي والتربوي للحرب على الإرهاب يبقى ملتبساً، إذا لم نأخذ في الحسبان البيئات الاجتماعية ونسب الأمية المتفاقمة في بعضها.
فالإرهابي جلاد وضحية في آن معاً، ولو شئنا استخدام مصطلحات من معجم علم النفس فهو سادي وماسوشي معاً، لأن الانحراف الذي سقط فيه تحول إلى طبيعة مضادة، وهناك في البيئات الاجتماعية غير المحصنة بالقدر الكافي، قدر من سوء الفهم لما يتم ترويجه من خلال الإعلام المؤدلج والمسيس الذي يستهدف التضليل، وقلب الحقائق، وقد يصل الأمر إلى حد التلاعب بالنصوص المقدسة، بحيث تلوى أعناقها كي تعترف بما لم تقترف!
ما أعنيه بالتثقيف المزدوج، هو العزف على الوترين معاً، وتر الأفكار الملفقة والوتر الآخر الذي تنطلي عليه الأمور، ويتعامل بحسن نية مع أطروحات ملغومة. وأشبه بالكمائن!
وإذا كان هناك من يسعون إلى اختراع وتلفيق فقهٍ بديلٍ يقدم الذرائع لما يرتكبون من جرائم، فإنه بالمقابل هناك من يتعرضون للإغواء، وقد تجذبهم تلك الأطروحات الملغومة، لأنهم ليسوا على دراية كافية بالمرجعيات الأصيلة، وما يُقال عن إمكانية خداع بعض الناس لبعض الوقت، ليس بعيداً عن الواقع، لكن الرهان يبقى على الحقيقة، شرط أن يكون هناك من يدافعون عنها ويفرزون الشحم من الورم، وبالتالي يفتضحون الحقوق التي تُراد بها أباطيل!
وقد يبدو الإلحاح على البعد الثقافي والتربوي في الحرب على التطرف به قدر من المبالغة أو أنه يأتي على حساب أبعاد أخرى ميدانية كالبعد الأمني، وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق لأن لمثل هذه الحرب شأن كل الحروب خنادق عديدة، منها الميداني المباشر والنفسي الذي يستغل شبكات التواصل، إضافة إلى البعدين المتلازمين، وهما التربوي والثقافي!
وما يجب التذكير به هو استثمار فقهاء الظلام للأمية ونقصان الثقافة لأنها القماشة التي يفصلون منها الأكفان، لهذا فهم يموتون إذا استخدمت ضدهم مبيدات الجهل ومضادات الأمية، ويكتشفون أخيراً أن قاطع الطريق الذي يتمنى لليل أن يستطيل لا عدو له كالضوء!Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى