قضايا ودراسات

تراث شعب قطر الشقيق

تتجه دولة قطر إلى العزلة السياسية نتيجة لمواقف نظام الحكم بالدرجة الأولى الذي احتضن قيادات إخونجية وإعلامية كانت، وما زالت، وراء تأجيج الأزمة القطرية متخذة من لغة التحريض بوابة لشق الصف الخليجي الذي يشكل نموذجاً دولياً ناجحاً على مستوى التعاون، والتماسك الاجتماعي والثقافي الواحد.
النقطة الأخيرة هي أساس هذه المادة، فالشعب القطري هو مكون بشري تاريخي مكمل للبنية الاجتماعية الخليجية التي تعزز وحدتها: اللغة، والجغرافيا، والثقافة، والتراث الشعبي، والدين، والعادات والتقاليد والزي وحتى الطعام، إلى جانب البيئة النفسية والسلوكية العامة في إقليم موحد.
كل هذه العناصر ميزت المجتمع الخليجي ثقافياً بشكل خاص، وإذا كانت القرارات أو المواقف العشوائية المضطربة أو القلقة تضر بالدول من الناحية السياسية وبسرعة، فإن مثل هذا الضرر لا يطال روح المجتمعات أو الشعوب خصوصاً شعوب المنظومات الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية الواحدة مثل دول مجلس التعاون الخليجي.
من الجانب الثقافي، وهو جانب مهم جداً لأنه يتصل بإرث المكان وتراثه من الصعب أن تخترق السياسة المجتمعات أو الشعوب من منفذ ثقافي، وفي الحالة الخليجية يشكل هذا الإقليم فضاء معرفياً واحداً.. ومرجعياته أيضاً واحدة.
على سبيل المثال، يشكل شعراء منطقة الخليج العربي تياراً واحداً مكوناً من بيئات خليجية عدة: فالشاعر القطري قد تجد له امتدادات عائلية في دولة خليجية أخرى.
في التقرير العربي التاسع للتنمية الثقافية الذي جاء في حوالي 800 صفحة بعنوان: «الثقافة والتكامل الثقافي في دول مجلس التعاون الخليجي» نقرأ مثالاً على الوحدة الثقافية الخليجية العصية على الانشقاق أو الاختراق السياسي وضعه د. محمد عبد الرحيم كافود، يرى فيه أن عدداً من شعراء الخليج والجزيرة العربية كانوا يتنقلون بين مدن هذه المنطقة وعواصمها، ولكل شاعر أثره وحضوره في المكان الخليجي الذي يحل فيه.
ويقول كافود: «.. التراث الثقافي الفكري قاسم مشترك بين شعوب هذه المنطقة، بل، إن الحياة المادية والفكرية واحدة لشعب هذه المنطقة، وهذا يرجع إلى طبيعة التركيبة السكانية وتجانسها، حيث ينتمي سكانها إلى قبائل عربية متداخلة في تركيبها البشري، الذي تتكون منه شعوب هذه البلدان..».
في هذا الإطار الاجتماعي الثقافي عصي أو مستحيل على المزاج السياسي القطري المحكوم إلى نظام تديره عقول نفعية انتهازية من داخل قطر ومن خارجها، ومن خارجها الكثير المرتزق أن تعزل شعب قطر الشقيق أو تختطفه من روحه وتوازنه الخليجي النفسي والتاريخي والتراثي العريق.
يوسف أبولوز
y.abulouz@gmail.comOriginal Article

زر الذهاب إلى الأعلى