تعزيز الثقافة الدبلوماسية من أجل مجتمع مزدهر

د. لمياء نوّاف فواز *
«أنا إماراتي وأفتخر» هي عبارة أعتقد أنها تناهت إلى مسامع الكثيرين داخل الدولة وخارجها، مترافقة مع قصص تحكي عن إرثنا وتاريخنا ومآثر قادتنا. وإن التعبير عن فخرنا واعتزازنا بدولتنا وتعريف الآخرين بتاريخها وإرثها الإنساني ما هو إلا بعض من رد الجميل لوطننا المعطاء.
غالباً ما نلمس فهم وتقدير الكثيرين لمصدر اعتزازنا ببلدنا، لكننا نستشعر أحياناً تساؤل البعض: ما هو مردّ هذا الاعتزاز؟ وتتمثل برأيي الإجابة الأمثل على هذا السؤال في الدرس الأهم الذي تعلمناه من الأب المؤسس لدولتنا، الشيخ زايد طيّب الله ثراه، وهو غرس روح الاندماج والمشاركة والانفتاح ضمن المجتمع الإماراتي. لقد تعلمنا من قادتنا أن التقدم الحقيقي للإنسان لا يتحقق إلا عبر التعاون مع الآخر وإقامة علاقات قائمة على الثقة المتبادلة. وقد ساهم ذلك بشكل مباشر في دفع مسيرة التقدم والازدهار التي تشهدها الدولة، كما شكّل حجر الزاوية في منظومة مبادئنا وقيمنا الأخلاقية.
فمصدر فخرنا هو الإيمان بأهمية العمل المشترك وتعزيز سبل التعاون، ما فسح المجال أمام الدولة لتأسيس علاقات دبلوماسية وطيدة مع أكثر من مئة دولة، وبناء شراكات راسخة مع كبرى الشركات العالمية، لتصبح مركزاً يستقطب رواد الأعمال في مختلف القطاعات، وتضم ضمن مجتمعها أكثر من 200 جنسية. وهذا يُلقي على عاتقنا مسؤولية كبيرة للمضي قدماً في مواصلة هذا الإرث العريق.
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، قد خاطب الشباب خلال «مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل» مشيراً إلى دورهم كسفراء لدولتنا وما يترتب على ذلك من مسؤولية كبيرة. كما شدّد صاحب السمو على أهمية التعليم والتكنولوجيا في تنمية كفاءات الشباب الإماراتي ليكون خير من يمثلنا على مستوى العالم، إلى جانب تعزيز المعرفة والتمسك بالقيم العربية النبيلة، مؤكداً على أهمية إعلاء قيمنا في الاحترام والتسامح والكرم لترسيخ الصورة الإيجابية عن دولتنا أمام العالم.
واليوم أصبح في متناول كل مواطن أن يكون سفيراً لوطنه ويعرّف العالم بمآثر أرضه وإنجازاتها في شتى الميادين، ويمارس شكلاً راقياً من أشكال الدبلوماسية الإيجابية التي تسخّر القوة الناعمة من أجل تعزيز مكانة الإمارات عالمياً وتسلط الضوء على إرثها الحافل بالإنجازات، بالاستفادة من التقدم السريع الحاصل في الأدوات الرقمية مثل شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
ومن الأهمية بمكان أن نستفيد من تفاعلنا مع الآخر لنشر رسالة الانفتاح والتسامح التي قامت عليها دولة الإمارات.
إن كل إنسان إماراتي يأخذ على عاتقه التصرف بمسؤولية في كافة شؤونه ويحرص على تأسيس علاقات إيجابية مثمرة مع الآخرين، إنما يلعب دوراً ريادياً في دعم الإمكانات الاقتصادية والاجتماعية لدولتنا ويساهم في تعزيز التفاهم والتواصل بين الحضارات والثقافات الأخرى، وإرساء علاقات طيبة معها. وهو ما سيثري الحضور الدبلوماسي المتميز لدولة الإمارات بمساندة فعالة من أبنائها.
وقد أدركت القيادة في الإمارات منذ فترة طويلة الدور المهم للتعليم في تطوير الكفاءات الإماراتية في كافة المجالات، بما في ذلك المجال الدبلوماسي. وبناء على ذلك، تساعد المؤسسات التعليمية، مثل أكاديمية الإمارات الدبلوماسية، الإماراتيين على تطوير قدراتهم وخبراتهم الدبلوماسية والاستفادة منها بالشكل الأمثل. وتعكس أكاديمية الإمارات الدبلوماسية، التي تأسست عام 2014، مدى حرص الدولة على إعداد الدبلوماسيين المؤهلين لتمثيل دولتهم بأفضل صورة وإقامة علاقات تعزز من مكانتها على الساحة الدولية. فهذه المبادرات توفر طريقة فعالة لإعداد جيل من المواطنين القادرين على التواصل ومشاركة الفكرة والمعلومة بأسلوب سليم مع مختلف الثقافات والشعوب.
هناك حاجة إلى الاعتماد على التعليم والثقافة الدبلوماسية لتطوير قدرات مواطنينا وتعزيز وتوسيع نطاق علاقاتنا مع الدول الأخرى. فيجب الجمع بين هذين النهجين لتطوير المفهوم الجديد للثقافة الدبلوماسية لدى المواطن لتكون بمثابة طريقة حيوية وفاعلة لإحداث تأثير إيجابي على مستوى الدولة والعالم، وتمكين المواطن الإماراتي من مواصلة رسالة الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، في التعايش والتسامح والكرم بخطى ثابتة ولأجيال قادمة.
* نائب الرئيس للتطوير المؤسسي والشؤون العامة في معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، المندرج ضمن جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا.