قضايا ودراسات

تفجير جامع النوري ونهاية «داعش»

لم يكن غريباً أو مستهجناً أن يقوم تنظيم «داعش» الإرهابي بتفجير جامع النوري والمنارة الحدباء في مدينة الموصل، بل ربما كان من المستهجن ألا يقوم بمثل هذه الجريمة المشينة لأسباب عديدة أنه تنظيم إرهابي في الأساس ولا علاقة له بالدين الإسلامي لا من قريب ولا من بعيد، بل إن إحدى المهام المكلف بها هو تشويه هذا الدين وتصويره على أنه دين عنف وقتل وغير إنساني أو حضاري.
فالتنظيم الذي أعلن الحرب على الحياة بكل ما تمثله من قيم لا يعنيه كم من البشر يمكن أن يقتل أو يذبح أو يبيد، وكم من الحضارات وشواهد التاريخ والموروث الإنساني يمكن أن يدمر، وكم من المدن والحواضر يمكن أن يمسح معالمها.
فالذي قام بتجريف مدينة النمرود في شمال العراق والتي تعود إلى العهد الروماني والمدرجة في قائمة التراث الإنساني ويحرق مكتبة الموصل التي تضم آلاف الكتب والمخطوطات النادرة ويدمر متحف المدينة، والذي يجرف قلعة تلعفر التاريخية، ويهدم الكنيسة الخضراء في تكريت التي تعود إلى 1300 سنة، ويفجر مرقد الأربعين في تكريت ويضم رفاة أربعين من جيش الخليفة عمر بن الخطاب خلال الفتح الإسلامي لبلاد ما بين النهرين عام 638، ومن يقم بتسوية مرقد النبي يونس في الموصل بالأرض وينسف تمثال أبي تمام في المدينة، ويدمر أبرز المعالم في قلعة تدمر، وخصوصاً معبد«بعل شمين» والمقابر البرجية والمزارات الصوفية في المدينة..من يقم بكل ذلك، هل من المستغرب ألا يدمر جامع النوري التاريخي الذي يعود تاريخه إلى أكثر من تسعة قرون ومئذنته الحدباء، والذي ظل صامداً رغم كل ما تعرضت له المدينة من غزوات وحروب ومن بينها غزو المغول.
ورغم عداء هذا التنظيم الإرهابي لكل موروث ديني وحضاري أصيل، فإنه لا يطيق أو يتحمل قرب هزيمته في المدينة وتحرير هذا المسجد من قبضته، ففيه أعلن المدعو أبو بكر البغدادي «دولته» ومنه أعلن نفسه «خليفة للمسلمين» في عام 2014، وبالتالي فقد تحول المسجد إلى رمز لهذا التنظيم الإرهابي، لذا عمد إلى تدميره قبل أن تصل إليه القوات العراقية، ما يعني أن «داعش» يعلن،نهاية «دولته» و«خليفته». أي إن التاريخ سوف يكتب أن هذا التنظيم الإرهابي أقدم يوم 21 يونيو(حزيران) على تفجير جامع النوري الذي أعلن منه «دولته» وفي هذا اليوم أعلن نهايتها.
لأ شك أن «داعش» يلفظ أنفاسه الأخيرة في العراق وسوريا، لكن خطره سوف يظل قائماً.Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى