قضايا ودراسات

توترات بين واشنطن وبكين

وليام غيرتز

أخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتبنى سياسات أكثر تشدداً تجاه الصين بسبب ما يعتبره عدم استعدادها أو عدم قدرتها على كبح البرنامج النووي – الصاروخي لكوريا الشمالية.
استخدم ترامب مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن هذا التحول في السياسة الأمريكية، وقال في تغريدة إن الصين لم تستخدم نفوذها الاقتصادي من أجل منع كوريا الشمالية من تطوير صواريخ بعيدة المدى.
وفي 4 يوليو/ تموز، أجرت كوريا الشمالية أول تجربة لصاروخ باليستي عابر للقارات. واعتبرت بيونغ يانغ هذه التجربة بأنها خطوة كبرى نحو تطوير قدرتها على استهداف أراضي الولايات المتحدة ذاتها. وشكلت هذه التجربة مفاجأة للإدارة الأمريكية في وقت كانت العلاقات بين واشنطن وبكين تتحسن في أعقاب قمة الرئيسين ترامب وشي جينبينغ في فلوريدا في أبريل/ نيسان الماضي.
وفي 28 يونيو/ حزيران، قال مستشار ترامب للأمن القومي الجنرال هيربرت ماكماستر في مؤتمر صحفي إن الصين أقرت في قمة فلوريدا بأن المشكلة الكورية الشمالية لا تقتصر على الولايات المتحدة فقط، بل هي «مشكلة كبيرة بالنسبة لهم هم أيضا». وأضاف ماكماستر إن القادة الصينيين أقروا خلال قمة فلوريدا بأن الصين «لديها قوة تأثير كبيرة» على كوريا الشمالية من خلال «القوة الاقتصادية للصين»، وإن القادة الصينيين يوافقون على أن إزالة الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية هو «الهدف المقبول الوحيد».
وأكد ماكماستر أن الولايات المتحدة بدأت الاستعداد ل «كل الخيارات» في التعامل مع كوريا الشمالية، وقال إن «الرئيس ترامب أوضح لنا أنه لن يقبل كوريا شمالية مسلحة نووياً وقادرة على استهداف الولايات المتحدة والسكان الأمريكيين».
كما صرح مسؤول في البيت الأبيض بأن قمة فلوريدا أثارت لدى الولايات المتحدة آمالا بأن الصين «ستكون مستعدة لمعالجة التهديد الكوري الشمالي». وقال إن امتناع كوريا الشمالية عن إجراء تجربة نووية سابعة أثار آمالا في واشنطن بأن الصين تمارس ضغوطاً على بيونغ يانغ.
ولكن بعد أقل من أسبوع من تصريحات ماكماستر، كشف الكوريون الشماليون عن صاروخ باليستي جديد عابر للقارات عندما أجروا تجربة لإطلاقه. وانطلق الصاروخ لمدة 37 دقيقة ثم سقط في بحر اليابان. وعلق متحدث باسم البنتاغون بالقول إن «هذا العمل يثبت أن كوريا الشمالية تشكل تهديداً للولايات المتحدة ولحلفائنا، ونحن نبقى مستعدين للدفاع عن أنفسنا وعن حلفائنا واستخدام كل قدراتنا ضد هذا التهديد المتعاظم لكوريا الشمالية». ووصف المتحدث التجربة الصاروخية الكورية الشمالية بأنها «تصعيدية، ومزعزعة للاستقرار، وخطرة».
وفي أعقاب قمة فلوريدا، كانت الولايات المتحدة قد جمدت صفقة أسلحة كبرى لتايوان. ولكن في يونيو/حزيران، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن صفقة أسلحة جديدة لتايوان بقيمة 1،4 مليار دولار. وبررت الوزارة الصفقة بأنها تنسجم مع القوانين الأمريكية التي تنص على ضرورة تزويد تايوان ب«أسلحة دفاعية».
ولكن الصين، التي تعتبر تايوان مقاطعة صينية، دانت هذه الصفقة باعتبارها انتهاكا لاتفاق تم التوصل إليه خلال قمة فلوريدا. ووصف متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية الصفقة بأنها «خطوة أمريكية خاطئة».
كما ثار غضب الصين عندما أبحرت سفينة حربية أمريكية على مسافة تقل عن 12 ميلاً بحرياً من جزيرة في بحر الصين الجنوبي تعتبرها بكين تابعة لها ولكن واشنطن لا تعترف بملكية الصين لهذه الجزيرة. وبينما كانت السفينة الحربية الأمريكية، المجهزة بصواريخ موجهة، تمر على مقربة من الجزيرة، كانت سفينة حربية صينية تبحر بموازاتها على مسافة قريبة نسبيا. ووصفت الصين إبحار السفينة الحربية الأمريكية على مقربة من الجزيرة بأنه «استفزاز سياسي وعسكري خطر». وعندما تسلم ترامب رئاسة الولايات المتحدة، كانت الصين تأمل بعلاقات أفضل مع واشنطن. ولكن حادثة السفينة الحربية الأمريكية وإعلان إدارة ترامب بأنها تحتفظ بالخيار العسكري ضد كوريا الشمالية بددا آمال الصين بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة.
ولا تزال الصين تدعو واشنطن إلى المساهمة في تخفيف التوترات في شبه الجزيرة الكورية من خلال التوقف عن إجراء مناوراتها العسكرية الضخمة المشتركة مع كوريا الجنوبية مقابل توقف كوريا الشمالية عن إجراء أي تجارب نووية أو صاروخية. ولكن عندما سئل متحدث باسم البنتاغون عما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لوقف مناوراتها العسكرية مع كوريا الجنوبية، أجاب بالنفي.
وتجربة كوريا الشمالية لاختبار الصاروخ العابر للقارات سيقابل على الأرجح بإجراءات أمريكية، قد تصل إلى حد القيام بعمل لإنهاء التهديدات الصاروخية والنووية الكورية الشمالية.

صحفي وكاتب أمريكي يكتب حول مسائل الدفاع والأمن القومي – موقع «آسيا تايمز»


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى