ثمّ الآخرون
هو الأول وفي المقدمة، هو الحب، والحياة، والهواء، وكل الأشياء الجميلة الكثيرة تأتي من بعده، هو الشمس التي تشرق علينا كل صبح، وهو القمر الذي ينير ليالينا محبة وصفاء، هو الأمان، المنزل، الأسرة، الاستقرار، الاستمرار، البقاء، هو عيوننا ودون العيون لا شيء يستحق أن يُرى.
هو موعدنا الأول، وفتنتنا الساحرة، هو الصديق والرفيق، والقصيدة والرواية، هو أول الفصول وأجملها، أحلامنا، أمنياتنا، تطلعاتنا، ابتساماتنا، بهجتنا، امتناننا، وقائعنا التي نعيشها بكل ما تحمل من صور، هو صوتنا حينما تخبو الأصوات، لا بل هو أغنيتنا الأعذب تلك التي ننشدها كل فجر فنتبادل قصة عشقٍ أبدي.
الحديث عنه، ومنهُ، وإليه لا يُملَ ولا ينضب، ولا يتشوه، ولا يتلوّن، ولا يقبل بأنصاف الآراء، هو الاتفاق، والرفاق، والأخلاق، والنبلُ، والسهلُ، والماء، هو الارتواء، ليس له مثيل، ولا يشبهه إلاّه، ونحن الأحبة والمحبون، العاشقون حدّ الثمالة، هو الخبز، والقهوة، الهيل والليل والزعفران.
هو الحكاية التي رواها البحّار، وأنشدها الفلّاح، وطار بها فرحاً الطفلُ والكهل، هو حديثنا المشترك، وهو السماء التي لا حدود لها، والبحر الممتد من الماء إلى الماء، هو الفجر الضحوك الباسم الأرجاء، صديقنا الأرحب، حديثنا الأعذب، نبضنا هذا الذي يمنحنا الحياة، ويمضي معنا، ولنا، وبنا نحو الضوء المتجدّد البهاء.
والآخرون بعده ُيأتون أياً كان شكلهم أو لونهم، وحده يجدُد ألوانه في أرواحنا فيمنحنا السعادة، ويُحسن لنا الوِفادة، ويشاركنا اهتماماتنا، ويقرّبنا منه حتى نكاد أن نذوب فيه، نتوحد به، أيدينا واحدة، قلوبنا نبض مشترك، إحساسنا أرضه وسماءه وماءه وأبناءه، والرجال الذي به وبنا يمضون نحو المركز الأول، لا سواه.
هو الوطن، الإمارات العربية الأبيّة بكل تجلّياتها النبيلة، وطنُ نحبّه، ونعشق أرضه، ونموت فداءً له، ودون قيادته تهون أعمارنا، وطنٌ لا مجال لأن يشبهه آخر، الإمارات الوطن الحلم الذي يتمناه الكثيرون، الإمارات التي تُصاغ لها العبارات، وتتهادى الكلمات، وتصير منها ولها أعذب القصائد، وللقائد تنسج الحب سلاماً وأماناً ودعاء.
حفظك الله يا وطني.
شيخة الجابري
Qasaed21@gmail.com