حقوق العمال وواجباتهم
هشام صافي
تعتبر السياسة التي تنتهجها دولة الإمارات العربية المتحدة تجاه العمال غير المواطنين، أحد أبرز عوامل المكانة العالمية المحترمة التي تحظى بها، ليس بين الدول التي تستورد العمالة منها فقط، ولكن على مستوى المجتمع الدولي، ومنظماته، ومؤسساته أيضاً، ولعلها واحدة من أسباب تعلق كثير من شباب العالم على اختلاف مشاربهم بحلم العيش في الإمارات والعمل فيها، وفي ذلك فخر واعتزاز لكل مواطن، وللدولة بجميع مكوناتها، وحكومتها الرشيدة، وقوانينها الإنسانية العادلة.
وحجر الأساس في هذه السياسة هو تساوي الجميع في الحقوق والواجبات، الجميع سواسية أمام القانون، ولا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى، ينظم عملهم قانون واحد يعتبر مرجعاً لكل مؤسسات القطاع الخاص، وقانون يحمي أجورهم، ويضمن حصولهم عليها بالكيفية المتفق بشأنها بينهم وأرباب العمل، والموثقة قانوناً لدى الجهات الحكومية المختصة، وينظم ساعات عملهم، وإجازاتهم الأسبوعية والسنوية وأيام العطلات على مدار العام، وكل تفاصيل عملهم.
وفي الوقت ذاته، فإن عليهم واجبات مطلوب أن يؤدوها بالتزام كامل، وعدم الخروج على النص، وفي مقدمتها احترام قوانين البلد والالتزام بها، والتعامل الراقي مع كل أطياف المجتمع، فلا اعتداء على حقوق الغير، وحريتهم وأملاكهم، وأمنهم واستقرارهم، والبعد عن كل ما يؤثر سلباً في استقرار البلاد، وأمان مواطنيها.
ولذلك تحرص الأجهزة الحكومية المعنية على توعية العمال بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، قبل دخولهم البلاد قدر المستطاع، وبعد دخولها والإقامة فيها، لأن كثيراً من المخالفات والجرائم تحدث نتيجة عدم إلمام البعض بقوانين الدولة، سواء بوجود إصرار مسبق على المخالفة، أو نتيجة الجهل بوجودها، ما يستوجب من كل مؤسسات المجتمع المدني قبل الحكومي، تنظيم حملات توعية مستمرة للعمال باللغات التي يجيدونها، حول قوانين البلد، وعادات وتقاليد أهله، وضرورة احترامها.
إن العمل الآمن هو حياة العامل ومستقبله، فإن حرص عليه يظفر بالكثير، وإن تمرد، وطمع، وخالف، مهما كانت الدوافع، فإن عصا القانون غليظة ولا ترحم من يعتدي على أمن المجتمع واستقراره، لأنهما ملك الجميع الذين يعملون ويكدحون من أجل تحقيق حياة أفضل، ويتطلعون إلى غد تبتسم أيامه في وجوههم، ولا تعبس، والمصلحة العامة وحدها الكفيلة بتحقيق مصالح الأفراد، بالمحبة والتعاون والقانون، وبالإخلاص في العمل والإجادة فيه، لمصلحة مجتمع يطمح الجميع إلى أن يظللهم بالسعادة ويوفر لهم رخاء العيش.
إن زيادة وعي العمال بحقوقهم وواجباتهم، تقلل نسبة الجرائم والمخالفات بنسبة كبيرة، قد تصل إحصائياً إلى النصف، فإذا أصبح العامل واعياً بما له وما عليه، فإنه يميل بطبيعة الحال نحو الاستقرار الذي يحقق مصالحه، ويبتعد عن كل ما يمكن أن يتسبب بقطع رزقه، وحرمانه من العمل إذا لجأ إلى الجريمة لتحقيق أطماعه الخاصة الخارجة على النص.
في كل الأحوال، يجب توعية العمال بحقوقهم وواجباتهم، فهذا الوعي كفيل بزيادة نسبة التزامهم بالقوانين، واللوائح المنظمة للحياة الاجتماعية التي لا يمكن لهم استيعابها منذ اللحظات الأولى لدخولهم البلاد، ولكن بالتدريج يصبح الالتزام عقيدة عمل، وحياة، ومصلحة خاصة تصب في المصالح العامة، ومن يُصر بعد ذلك على المخالفة فالقانون له بالمرصاد.Original Article