قضايا ودراسات

حكومة نصفها نساء

فتح العليم الفكي

التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد الأسبوع الماضي، وقلص بموجبه الوزارة من 28 وزيراً إلى 20، نصفهم من النساء نال الاستحسان على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي ووضع إثيوبيا في المرتبة الثانية على مستوي القارة الإفريقية التي تحقق المساواة بين الجنسين في حكومتها بعد رواندا.
خطوة آبي أحمد التاريخية غير المسبوقة، وضعت المرأة الإثيوبية في مراكز قيادية متقدمة لم تكن لتحصل عليها؛ لولا انفتاحه على كافة فئات المجتمع وسعيه لإشراك أصحاب المؤهلات والخبرات الوطنية من الجنسين في إدارة شؤون بلادهم، فجاء إسناد وزارات مهمة لنساء مثل وزارة الدفاع التي شغلتها عائشة محمد موسى، ووزارة السلام التي تم استحداثها وإسنادها إلى موفوريات كام رئيسة البرلمان السابقة.
إن خطوة تعيين عشر نساء في الحكومة الإثيوبية، منحت المرأة – التي ظلت عبر التاريخ تقدم التضحيات وتشارك جنباً إلى جنب مع الرجل في كل مراحل النضال الوطني- حقها الذي نالته عن جدارة واقتدار.
آبي أحمد علق عند عرضه الوزارة الجديدة أمام البرلمان بقوله: «إن وزيراتنا سيحطّمن المقولة القديمة بأن النساء لا يصلحن للقيادة»، وأضاف إن النساء أقل فساداً ويجب الاعتماد عليهن لدفع عجلة النمو في البلاد التي فقدت حوالي 12 مليار دولار منذ عام 2000 بسبب الفساد.
ومنذ تسلمه رئاسة الحكومة في إبريل/نيسان الماضي، ظل آبي أحمد يثبت يوماً بعد آخر، أنه يعمل بهمة عالية لتحقيق مشروع إصلاحي طموح، يقوم أولاً على المصالحة الشاملة بين فصائل ومكونات الشعب الإثيوبي كافة ويعتمد الشفافية ومحاربة الفساد منهجاً للحكم، وأدرك آبي أحمد أن مشروعه الإصلاحي لن يصل إلى مبتغاه ما لم يتحقق السلام بين دول القرن الإفريقي عبر مصالحة تاريخية تعيد الوئام والوفاق إلى هذه المنطقة المضطربة التي عانت كثيراً بسبب الحروب والنزاعات.
على المستوى المحلي، أنجز آبي أحمد المصالحة الداخلية، وعادت في يوليو /تموز الماضي فصائل المعارضة المسلحة بعد 20 عاماً من العمل في الخارج، وقام البرلمان برفع هذه الحركات المعارضة من لائحة الإرهاب وأقر قانون العفو العام للأفراد والجماعات المدانين بتهم الخيانة وتقويض النظام الدستوري وتم إطلاق سراح كافة المعارضين وأسقطت الأحكام بالإعدام.
وجاءت المصالحة التاريخية بين إثيوبيا وإريتريا التي رعتها دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، والتي أنهت قطيعة دامت قرابة العشرين عاماً، لتدشن حقبة سياسية جديدة في القرن الإفريقي أساسها التعاون والإخاء، بعد سلسلة حروب دامية أزهقت الأرواح وأهلكت الزرع والضرع وقطعت الأواصر والأرحام.
لقد أوجدت المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا رغبة لدى قادة دول المنطقة، لطيّ صفحة الحروب والخلافات والتوجه نحو تحقيق الأمن والاستقرار والرخاء للشعوب التي عانت الأمرّين على مدى عقود، وهنا جاءت زيارة الرئيس الصومالي إلى إريتريا منهياً بذلك مقاطعة استمرت حوالي 15 عاماً. كل هذا يعزز رؤية آبي أحمد واستراتيجيته للانتقال بالمنطقة إلى عهد جديد عنوانه السلام والوفاق.

alzahraapress@yahoo.com

زر الذهاب إلى الأعلى