قضايا ودراسات

حمايتهم من أنفسهم

ابن الديرة

عندما تضع الدولة في مقدمة أولوياتها بناء جبهة شبابية قوية وفاعلة ونشطة، فإنها تعبر عن أهمية الدور المطلوب من الشباب القيام به في حاضرهم ومستقبلهم، وتعتبرهم الطاقة المحركة لكل الفعاليات المجتمعية وعلى مختلف الأصعدة، وهي على حق، فالأمم رأسمالها شبابها، إن أحسنت تربيتهم وتأهيلهم استفادت وصعدت إلى القمم، وإن أخفقت فقل عليها السلام، وستبقى تعاني الكثير، ولن تفلح في إنجاز وتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية حيوية لا تستطيع الاستغناء عنها.
وإلى جانب الجهود الكبيرة لحماية الشباب من الأخطار الخارجية التي تستهدفهم، بدءاً بمحاولة إغراقهم بسموم المخدرات وليس انتهاء بالفكر الظلامي الذي يبغي تدميره فكرياً وتغييبه عن معركة البناء الوطني، التي تلتقي فيها كل القوى الشريفة للنهوض بالوطن وبنائه وتطوير مؤسساته وقواعده وأركانه، فإن المطلوب جهوداً مماثلة على الصعيد الداخلي، ترمي إلى حماية الشباب من شرور أنفسهم، ورفاق السوء، والظروف المواتية للانحراف.
في دولة بدأت التخطيط لاحتفالاتها بمرور مئة عام على خروجها للنور وانطلاقتها الميمونة عام 1971، بمعنى أنها تخطط لنحو 55 سنة مقبلة، يجب أن يكون الحرص على الشباب بالرقي الفكري نفسه، والطموح المشروع ذاته، والتفاؤل بالمستقبل والثقة غير المحدودة بالنفس التي تتمتع بها دولة الإمارات العربية المتحدة، قيادة حكيمة وحكومة رشيدة وشعباً متحضراً.
البحث العلمي والإحصائي وتنشيط المعلومات وتجميعها، كلها عوامل تساعد على وضع اليد على مكامن الضعف المجتمعي، التي تشكل مقومات لا تساعد الشباب على الانطلاق للأمام، بل تشكل عوائق تحد من عنفوانهم وقدرتهم على أن يكونوا اللاعب الأول والأكثر كفاءة، ويتحملون المسؤوليات بحب وطواعية، نتيجة قوة انتمائهم للوطن وارتباطهم بقيادته.
عندما نشاهد تجمعات شبابية-ولو كانت قليلة- تتسلى وتلهو في أحاديث لا تقدم ولا تؤخر، تضيع أوقاتهم سدى، فيخسرونها ومعهم الوطن يحرم من إيجابياتها، يجب أن ندرس الأسباب ونضع الحلول غير القسرية، فنوفر لهم بيئة أخرى تجتذبهم إليها بقوة فيفيدون ويستفيدون هم أيضاً.
المساكن الشعبية المهجورة والمباني غير المكتملة لسبب أو لآخر، يمكن اعتبارها أماكن مشبوهة وغير مرغوبة لأنها تشكل مرتعاً لضعاف النفوس لممارسة أفعال لا يقوون على أن يقوموا بها أمام الناس، كالتدخين وتعاطي المخدرات والمسكرات، إلى جانب أنها أحياناً تشكل مأوى للمتسللين والمخالفين والهاربين من يد القانون والعدالة، وعلى البلديات التي تلاحق حبل الغسيل وتعتبره أحد مشوهات الجمال – وهي على حق – أن تلغي تماماً وجود مبان غير مأهولة يمكن استخدامها ضد المصلحة العامة والقانون.
يجب أن تتوحد الجهود وتقوى في مواجهة مهمة حماية بعض الشباب من أنفسهم أحياناً، وعدم شعورهم بالمسؤولية الوطنية، على أن تنتفي كل مقومات مساعدتهم على الوقوع في شرور أنفسهم، ببناء بيئات إيجابية ومواتية.

ebn-aldeera@alkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى