قضايا ودراسات

خدمات للمسنين

هشام صافي

الارتقاء بالخدمات الاجتماعية المقدمة للمسنين في مراكزهم الخاصة بهم أو منازلهم، واجب وطني تؤديه الحكومة باقتدار بسبب من اهتمامها غير العادي بهذه الفئة من أبناء المجتمع العزيزة على القلوب، فهم الآباء والأجداد الذين يفتخر بهم الجميع، وبما حققوا وأنجزوا لهم وللأجيال اللاحقة، وبات حقهم على المجتمع أن يبقوا في مقدمة اهتماماته وأولوياته، كنوع من الوفاء والتقدير لهم، والإحساس بما كابدوا وتحملوا من المشاق ليبنوا هذا الصرح الاتحادي الكبير في بنيانه وتحضره.
والخدمات الصحية ليست استثناء من واجب المجتمع تجاه مسنيه، بل تحظى بالقيمة نفسها وأكثر، لأن غيابها والتفريط فيها يعني أن يعيش المسن آلاماً مرضية مبرحة، وينخفض متوسط عمره، وفوق هذا وذاك، فإن تقديم الخدمات الصحية المتكاملة لهم واجب أخلاقي وإنساني بالدرجة الأولى، لا مجال للتنصل منه تحت أي ذريعة كانت، فالمسنون، كبارنا، وتيجان رؤوسنا يجب أن يحاطوا بكل الرعاية الطبية الممكنة.
حقيقة، السلطات الصحية الحكومية لم تقصر مع كبار السن، وبجانب مراكز الإيواء المتخصصة، ومراكز الخدمة المفتوحة التي يقضي المسن يومه فيها ويعود إلى بيته، فإنها تقدم الكثير من خدمات الرعاية الصحية بشقيها الوقائي والعلاجي إليهم في منازلهم، لتوفر عليهم مشقة مراجعة دور العلاج، وبمستوى عال من الكفاءة، عبر اختيارها أمهر الأطباء والممرضين والفنيين للكشف عليهم بين أفراد أسرهم وتقديم العلاج المناسب لحالة كل منهم.
لكن ما يلح على الذهن هنا هو أين المؤسسات الطبية الخاصة من مستشفيات ومراكز وعيادات، من تقديم خدمات خاصة مجانية للمسنين، عن طريق تشكيل فرق طبية مشتركة تقوم بالمهمة المطلوبة؟ لماذا معظم الأمور مطلوبة من الحكومة فقط ومن غير عون من نصف المجتمع غير الحكومي؟
لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تنفض المؤسسات الصحية الخاصة الكبرى يدها من هذه المهمة الإنسانية والوطنية معاً، ولا يجوز أيضا أن يستمر الحال هكذا: الحكومة تنفق وتتحمل كل المسؤوليات، والمؤسسات غير الحكومية تأخذ ولا تعطي، تستفيد ولا تفيد، تجني من غير أن تزرع.
بالتنسيق بين الهيئات الطبية ووزارة الصحة من جهة والمؤسسات الصحية الخاصة من الجهة الأخرى، يمكن تعزيز الخدمات المقدمة للمسنين في منازلهم، والارتقاء بمستوياتها مستفيدين من الخبرات الطبية الراقية لدى الجانبين، ليتم تحقيق قفزة جديدة والارتفاع بمتوسط أعمار كبار السن نتيجة تحسن أحوالهم الصحية، ورفاهية حياتهم حيث توفر لهم الدولة كل ما يحتاجون وأكثر.
المسنون لهم واجب على القطاع الطبي الخاص، ديني وأخلاقي، يجب أن ينهض به طواعية وبحافز ذاتي محض، فلا معنى مطلقاً أن يتبرأ من مسؤولياته، ويجب أن يبادر اليوم قبل الغد للتنسيق مع الوزارة والهيئات الصحية، للمشاركة بداية معها في الحملات التي تنفذها لصالح المسنين، تمهيداً لدور وطني مستقل، يرفع رصيده على مستوى المجتمع كله.

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى