قضايا ودراسات

خريف الريف

عبد اللطيف الزبيدي
ما يحدث في الريف المغربي ليس حدثاً قصياً عن الحادثات العربية، لأن ذلك البلد يسمّى المغرب الأقصى. منذ سنوات والمتابع المراقب بذهن مستشرف لعدوى فيروس «الربيع العربي»، يده على قلبه خشية على المنطقة المغاربية بأسرها.
من الضروري العودة إلى عقود النصف الثاني من القرن العشرين. فحتى في تلك السنين التي كانت الجمرات الصغيرة مخبّأة تحت الرماد، كانت الصحافة الفرنسية بين الحين والحين، تنشر مقالات عن الأمازيغ وثقافة الأمازيغ والهوية الأمازيغية. وحين ظهرت طلائع الشبكة العنكبوتية، نبتت كالفطر مواقع تعلم الأبجدية واللغة الأمازيغيتين، وهات وهاك من المطالب. كان الناس لا يولون تلك الحركات والتحركات مثقال ذرة من الأهمية، لمجرد أن الظروف لم تكن مهيأة، وكانت الأنظمة تتمتع بقدر معقول من الاستقرار والاعتداد بالتوازن. بل إن العكس تماماً كان يحدث في الأوساط الثقافية. كان بعض أهل اللغة في ليبيا والجزائر، يسعون بجهود لا تخلو من الشطط في المنهجية، يبذلون جهوداً جبارة في البرهنة على أن الأمازيغية ذات جذور عربية، وهو أمر مبالغ فيه. وكان انعكاس ذلك سيئاً في الأوساط الثقافية الأمازيغية.
قبل ثمانية أشهر حدث ما يشبه واقعة البوعزيزي التونسي ابن مدينة سيدي بوزيد، ففي الريف المغربي وقعت جريمة فظيعة تمثلت في وضع بائع سمك في خلاط القمامة، فاندلعت أعمال شغب في الريف، وظلت تتفاعل إلى يومنا هذا.
لا يستطيع أحد الاستهانة بهذه الوقائع، فقد لدغ العربي من هذا الجحر مراراً. ما يبعث على الأسف هو أن منطقة الريف عانت التهميش عقوداً طويلة. في هذا أيضاً لم تكن الأفلام الوثائقية الفرنسية نائمة، ونحن نعلم أن تركيبة المغرب يجب وضعها في الحسبان، فالأمازيغ فيها يتجاوزون الستين في المئة.لا شك في أن السلطات أخذت موضوع التهميش على محمل الجد، ووعدت برصد مليار دولار لتنمية الريف.
أن تأتي الالتفاتة خيرٌ من أن تظل غافلة. الوعي ليس كافياً، فالأحداث تتسارع إلى حد أن أحداً لم يكن يتصور أن الأشقاء الأمازيغ في تونس وليبيا والجزائر، تسعى ينابيعهم إلى التوحد في تيارات تتوحد في نهر مغاربي. حذار.
لزوم ما يلزم: النتيجة اللغوية: من حق الأمازيغ ألا تقابل مطالبهم بالزيغ. ذلك خير وأبقى للوحدة المغاربية.

abuzzabaed@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى