قضايا ودراسات

خزي وعار

كشفت أحداث المسجد الأقصى التي عربدت فيه «إسرائيل» خلال الأيام القليلة الماضية، عن عجز عربي وإسلامي فاضح، ف«الإسرائيليون» استباحوا المقدسات، قتلاً، وتنكيلاً، وحرماناً من أداء الصلاة، فضلاً عن إقامة الأذان، من دون مراعاة لأي جوانب أخلاقية، أو إنسانية، وراحت أجهزة القمع التابعة للدولة العبرية تزيد من معاناة الفلسطينيين الذين هبوا للدفاع عن مقدسات المسلمين، فيما غاب العرب عن التفاعل مع الحدث الجلل، مع استثناءات قليلة.
لم يجد الفلسطينيون من يحميهم من العربدة «الإسرائيلية» المتكررة، وإيقاف هذا التغول في الممارسات اللا إنسانية التي تقوم بها «إسرائيل» حيال أبناء الشعب الفلسطيني المكافح، وحيال القدس والمقدسيين الذين يقدمون كل يوم مزيداً من الشهداء في مواجهة الاحتلال.
وحدهم المقدسيون هبوا للدفاع عن «أقصاهم»، الذي دنسته «إسرائيل»، وقدموا شهداء وجرحى، ولفتوا أنظار العالم إلى قضيتهم، فيما صمت العرب والمسلمون كعادتهم، وبلعوا ألسنتهم، فلم يتمكنوا من حشد رأي سياسي ولا دبلوماسي يدين الدولة العبرية، وممارساتها في فلسطين المحتلة ككل، وفي القدس تحديداً، حيث الأقصى الذي يتعرض منذ سنوات طويلة، لانتهاكات مستمرة من دون أن تتمكن المؤسسة الدولية الكبرى، والمتمثلة في مجلس الأمن من مواجهته، رغم كل الوقائع على الأرض التي تؤكد إقدام العدو «الإسرائيلي» على ارتكاب جرائمه، من دون مراعاة لأي قرارات دولية.
بعد ظهر أمس، بدأت «إسرائيل» بتخفيف الضغط على المسجد من خلال السماح للمقدسيين بالصلاة في باحات الأقصى، لكن وسط إجراءات أمنية أكثر تشدداً من السابق، وهي محاولة من دولة الكيان لإنهاء الاحتقان القائم في القدس، وحواليها.
لقد قاوم المقدسيون الصلف الصهيوني وذادوا عن المسجد الأقصى، فيما كان الكثير من العرب يتابعون ذلك عبر شاشات التلفاز، والمواقع الإخبارية، من دون أن تكون لديهم قدرة على الضغط على «إسرائيل» التي ترى في مواقف العرب مجرد ظاهرة صوتية، فقد اختبرتهم في مواقف ومحطات كثيرة، لم يكونوا فيها سوى عبارة عن منددين لا أكثر.
تستغل «إسرائيل» الصمت العربي والإسلامي في الذود عن القدس والدفاع عن المقدسات الإسلامية في أكثر من مكان لتزيد من شراستها تجاه الأقصى، فالدولة العبرية تدرك أنها مطلقة اليد في التعاطي مع الفلسطينيين، ومع المقدسات الإسلامية منذ عشرات السنين، ولم تنفع البيانات الشاجبة، والمواقف الصاخبة التي يطلقها العرب والمسلمون عند كل محطة من محطات الانتهاكات «الإسرائيلية»، فهي تعلم أن صمتاً طويلاً يسود بعد هذه البيانات، تماماً كالصمت الذي يلف المواقف العربية والإسلامية من قضية الاستيطان، والقضم المستمر للأراضي الفلسطينية من دون أن تترك المواقف العربية أي تأثير في الدولة العبرية، ومؤيديها في الولايات المتحدة ودول غربية عدة، بل إن بعض المواقف الدولية ربما تكون أكثر قوة من مواقف بعض العرب والمسلمين، بخاصة لجهة الاستيطان الذي يتمدد بشكل مخيف في الأراضي المحتلة، وهي سياسة لم تتراجع عنها «إسرائيل»، رغم المواقف الدولية الضاغطة عليها، واستمرارها دليل على ضعف العرب وليس على قوتها، والأحداث الأخيرة في القدس تمثل خزياً، وعاراً للعرب والمسلمين، ليس لهما حدود.

صادق ناشر
Sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى