خسائر جانبية
فيصل عابدون
يدفع السكان المدنيون أثماناً باهظة في مناطق الحروب وهم يعتبرون في الأغلب خسائر جانبية إذا شاء قدرهم أن يكونوا من المحاصرين بين تقاطع خطوط القتال.
وعلى الرغم من أن القادة العسكريين يرسمون خططهم الحربية وحساباتهم على أساس تفادي تعريض المدنيين للخطر جراء المعارك وعمليات القصف، والالتحام، واجتياح أراضي العدو، إلا أن هذه الحسابات سرعان ما تسقط، ويتم تجاهلها بكل بساطة، خاصة في حالات الحروب الكبيرة التي تتحرك فيها الجيوش على جبهات قتال واسعة، وتنخرط فيها مختلف أنواع الأسلحة البرية، والجوية، والبحرية.
وفي مثل هذه الحالات غالباً ما يصبح المدنيون جزءاً من أرض المعركة رغم إرادتهم، عندما يتخذهم أحد الأطراف دروعاً بشرية، ويسعى الطرف الآخر لاستخدام أقوى أسلحته التدميرية لسحق مقاومته، غير آبه بمصير الرهائن المحتجزين بين خطوط القتال.
والحملة العسكرية متعددة الجيوش التي تجري وقائعها اليوم في سوريا والعراق تقدم مثالاً حياً لهذه المآسي التي يتعرض لها الأهالي، ويدفعون جراءها أفدح الأثمان.
ففي هذا الأسبوع، لقي أكثر من 76 مدنياً حتفهم خلال أيام قليلة في محيط مدينة دير الزور، حيث حصدت أحدث مجزرة للطيران الروسي 16 قتيلاً، بينهم خمسة أطفال، في قرية زغير شامية، وكان الضحايا فروا من منازلهم نحو ضفاف نهر الفرات بعد اقتراب المعارك إلى أحيائهم السكنية. كما لقي 6 مدنيين حتفهم جراء غارات نفذتها طائرات روسية على قرية حوايج ذياب. وبالتزامن قتلت طائرات التحالف الدولي 12مدنياً من عائلة واحدة، بينهم خمسة أطفال في قرية الشهابات.
وفي الأسبوع نفسه عثرت منظمات إنسانية على 200 جثة لمدنيين مضى عليها أيام، وأسابيع، في أنقاض المباني التي دمرها القصف في مدينة الموصل العراقية. وقال مسؤولو منظمات حقوقية إن عمليات القتل جاءت بنيران مسلحي تنظيم «داعش»، والقصف العشوائي والاشتباكات البرية. وتمكنت عناصر الدفاع المدني العراقية من انتشال 2100 جثة لمدنيين من الجانب الغربي لمدينة الموصل.
وفي بداية سبتمبر/أيلول الحالي أكد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة مقتل 61 مدنياً آخر في ضرباته الجوية بالعراق وسوريا، ما يرفع عدد المدنيين الذين أقر بالتسبب بمقتلهم إلى 685 منذ بدء القتال.
ويقول تقرير لمنظمة «اليونيسيف» إن الأطفال هم أكثر من تعرّض للضّرر نتيجة سنوات من استمرار العنف والنزوح وشُحّ الخدمات الأساسيّة، كما أنّ البُنى التحتية المدنيّة غالباً ما تعرّضت للاعتداء، بما فيها المستشفيات ومرافق الطاقة، والمياه، والصرف الصحّي، والنظافة، ما يجعل الأطفال عرضة لخطر الأمراض والموت.
Shiraz982003@yahoo.com