خواطر في الأوهام الفيروسية
هي ذي صورة أخرى تبرهن على أن البنيان السليم في أيّ مجال، هو ذلك الذي يكون متوافقاً مع قوانين الطبيعة. من المحال في الكون والحياة البناء على غير أنظمة الطبيعة، في البنيان الحجريّ والكيميائيّ والفكريّ والفنّيّ والرقميّ. بتعبير تحذيريّ للعقل العربيّ: كل بناء على غير النماذج الطبيعية، لا يُكتب له البقاء. من هنا نفهم ببساطة مزالق الانهيارات العربية، التي أرادت أو أريد لها أن تبني عكس قوانين الطبيعة، لكي تكون الانهيارات كأحجار الدومينو، التي تتداعى طبقاً لقوانين الطبيعة.
هل تستقيم منظومة شمسية من دون جاذبية؟ تفكك العالم العربيّ كان نتيجة فقدان جاذبية الفكرة المركزيّة. اللامعقول هو توهّم إمكان تماسك كواكب المنظومة بجاذبية نجوم عملاقة، أو ثقوب سوداء من منظومات أو مجرّات أخرى. المشهد الكاسر للقوانين، هو تصوّر بقاء الجسم سليماً مع وهم التعايش السلميّ بين خلاياه وخلايا سرطانية. المريب هو الإصرار على المحاولة بعد رؤية تآكل أجهزة وأعضاء من البدن، من جرّاء الدخيل المدمّر.
المنهج سهل، ما علينا إلاّ تحويل أيّ شكل أو شيء، إلى فكرة مجرّدة، ثمّ ننظر إلى مدى تطابق هيئتها مع أنظمة البناء والتفاعل في الطبيعة. إذا رأينا استحالة حدوث النتائج المرجوّة في الكون والحياة، فإن مصير النموذج الفشل، في السياسة، الهندسة، الكائنات الحيّة، المعلوماتية… إلخ.
ما حدث للعرب طوال سبعة عقود، هو في الحقيقة قرن منذ 1917، هو وهم أن تصبح غايات الجسم والخلية السرطانية واحدة في نهاية المطاف. تأمّل خريطة التقسيم في قرار الأمم المتحدة، وكيف هي اليوم. أجلى من الشمس التآكل العربيّ في السياسة، الاقتصاد، الدفاع، السيادة، الصناعة، الزراعة، التعليم، إلى الثقافة فكراً وفنّاً. البنية العربية اهترأت، صار الفيروس يسخّر خلايا الجسم لتكثيره. باتت الخلايا ترى مناعتها في احتضان الداء، الذي أضحى مظهر القوة الوحيد في عينها.
لكن الطبيعة لم تترك نظامها العام سدى. أنشأت المناعة كمنظومة مضادة لحفظ التوازن. النظام البيئيّ حافظ على توازنه منذ أكثر من ثلاثة مليارات سنة. قوانين فلسفة التاريخ، نسج على ذلك المنوال. الفيروسات تفعل فعلها، لكن قوانين المناعة في التاريخ، لا تتخلّى عن أمانة الطبيعة. ذلك هو ما يفوّت المخططات الغبيّة التي تنطح الصخر في النهاية. حساباتها غروريّة خادعة، تسير دائماً حالمة بدوام القدرة على التدمير.
لزوم ما يلزم: النتيجة الطبيعية: لم يحدث قط أن استطاع فيروس واحد القضاء على مئات ملايين الأجسام. القضاء المبرم على المناعة العامّة ممنوع في الطبيعة.
عبد اللطيف الزبيدي
abuzzabaed@gmail.com