قضايا ودراسات

«داعش».. إلى أين المفر؟

صادق ناشر
مع انكسار مشروع دولة «الخرافة» التي حاول تنظيم «داعش» إقامتها في العراق وسوريا، وسقوطه المدوي في الموصل، آخر المعاقل المهمة له، تكبر التساؤلات، وتكثر حول التركة التي سيخلّفها التنظيم على مستوى العتاد، والبشر أيضاً، ذلك أن الآلاف الذين كانوا يشكلون قوام «دولة الخرافة» في الموصل، منذ العام 2014، سيجدون أنفسهم موزعين بين المدن العراقية المختلفة، بخاصة تلعفر التي اتخذها التنظيم عاصمة بديلة، لكن معنوياتهم لم تعد كما كانت، وسطوتهم على الناس ستخف كثيراً لأنهم يشعرون بأن هزيمتهم في الموصل كانت كبيرة.
ليس من شك في أن «داعش» يبحث عن مناطق أخرى يتجمع فيها أنصاره بعيداً عن العراق وسوريا، إذ إن التنظيم حوصر في هذين البلدين، وصار أعضاؤه ملاحقين أينما ذهبوا، وحتى في تلعفر، فلن يطول بهم البقاء، بخاصة أن الجيش العراقي يتهيأ لخوض معركة لاقتلاعهم وإخراجهم منها، لذلك هناك خشية من أن يتم تصدير «الداعشيين» إلى نقاط أخرى في المنطقة العربية لاستئناف مسيرة التدمير، كما فعلوا في الموصل، وبقية مناطق العراق وسوريا.
تبدو ساحات عربية أخرى مغرية للكثير من عناصر تنظيم «داعش»، وربما تكون ليبيا واليمن من الساحات التي سيكون على «داعش» إرسال أعضائه وعناصره إليها، وهي بيئات قد تجد حواضن لهم، خاصة أن الصراع في هذين البلدين صار يأخذ بعداً قبلياً ومذهبياً أكبر، على الرغم من الضربات التي وجهت لتنظيمات متطرفة تعمل فيها، مثل تنظيم «القاعدة»، الذي يتواجد بشكل كثيف في اليمن على سبيل المثال.
ومؤخراً كثفت الولايات المتحدة من ضرباتها على مواقع يسيطر عليها تنظيم «القاعدة» في اليمن خاصة في شبوة، والبيضاء، وأبين، وحتى مأرب، وهي مناطق لا يزال فيها التنظيم حاضراً بقوة، ولم تستطع الضربات التي وجهها الجيش اليمني خلال السنوات الأخيرة الحد من حضور التنظيم بشكل كبير.
وكما الحال في اليمن، تعيش ليبيا الأجواء نفسها، فعلى الرغم من التقدم الحاصل للجيش الوطني الليبي، وتدخّل الطيران الحربي المصري قبل أسابيع قليلة لتحجيم حضوره، بخاصة في درنة، لا يزال تنظيم «القاعدة» ينشط بشكل أكبر في هذا البلد المترامي الأطراف، وهو أمر يصعّب من عملية إعادة الاستقرار إليه خلال فترة وجيزة.
إذاً، المعركة مع «داعش» مستمرة، ولن يركن العراقيون إلى الإنجاز الذي تحقق في الموصل، بل سيواصلون اجتثاث التنظيم حتى النهاية، لأن التوقف عند هذه النقطة سيكون له ارتدادات سلبية وخطرة على الاستقرار الداخلي في العراق، وما جاوره، ويبدو أن المهمة الكبرى في التخلص من «داعش» ستكون من نصيب العراق، فالمعركة معركته في المقام الأول، والتحالف الدولي الذي ساهم في القضاء على «داعش» في الموصل، لن يكون سوى عامل مساعد في عملية الرصد والمتابعة للوجهات التي سيتجه إليها عناصر التنظيم، إذ إنه من غير المعقول للآلاف أن يذوبوا كالملح بعد خسارتهم الكبيرة في الموصل، ولابد من منافذ يفرون إليها في الأسابيع المقبلة، وهذه المهمة لن تكون سهلة.

Sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى