قضايا ودراسات

«دلال» والأمم المتحدة والكيان

يونس السيد
لم يحدث في تاريخ الأمم المتحدة أن أبدت انحيازاً واضحاً وفاضحاً على هذا النحو للكيان الصهيوني كما يحدث في الآونة الأخيرة، وبالتحديد منذ تولي انطونيو غوتيريس الأمانة العامة للمنظمة الدولية مطلع العام الحالي. وهذا بحد ذاته تطور لافت، وكأنه يؤشر إلى حدوث انقلاب على ثوابت المنظمة الدولية ويعيد صياغة العلاقة بين الجانبين وفق قاعدة معكوسة تدعم الكيان المحتل بدلاً من دعم الشعب الواقع تحت الاحتلال.
لن نذهب بعيداً في سرد تاريخ العلاقة بين الأمم المتحدة والكيان، ولكن يكفي التوقف عند قرارين مهمين اتخذتهما منظمات دولية تابعة لها، وهما قرار «اليونيسكو» المتعلق بالمسجد الأقصى واعتبار القدس أرضاً فلسطينية محتلة، وقرار «الايسكوا» الذي يدمغ الكيان الصهيوني بأنه نظام «ابارتهيد» ولكن تم سحبه لاحقاً بطلب من غوتيريس، وأدى إلى استقالة الأمينة العامة للمنظمة الدكتورة ريما خلف. ما يدفعنا لاستحضار هذين القرارين، هو قرار آخر لأمين عام المنظمة الدولية بسحب دعم مركز مجتمعي فلسطيني لأنه فقط يحمل اسم الشهيدة دلال المغربي، باعتبارها قامت ب«اعتداء إرهابي» وفق غوتيريس، خلال عملية بطولية نفذتها مع مجموعة فدائية على شاطئ «تل أبيب» عام 1978.
ويبدو أن غوتيريس لم يشاهد الصورة الشهيرة لوزير الحرب الصهيوني السابق ايهود باراك وهو يضع مسدسه في رأسها ويطلق النار بعد أن ألقي القبض عليها حية خلال العملية. هذا الحول الأممي جعل من «مركز دلال المغربي» الذي تأسس قبل عدة أشهر في قرية برقة شمال غربي نابلس، بدعم نرويجي قيمته 10 آلاف دولار عن طريق لجنة الانتخابات الفلسطينية، ولجنة المرأة التابعة للأمم المتحدة، والتي تدعم مشاركة المرأة الفلسطينية في الانتخابات.. جعل منه «مركزاً لتمجيد الإرهاب» كما يزعم غوتيريس، ولا ندري منذ متى أصبحت مقاومة الاحتلال إرهاباً في نظر الأمم المتحدة.
على كل حال، حظي قرار غوتيريس بسحب الدعم الأممي بترحيب الحكومة الصهيونية ورئيسها بالذات بنيامين نتنياهو الذي قال خلال جلسة لحزب الليكود الذي يتزعمه «لقد توجهنا بطلب رسمي إلى الأمين العام للأمم المتحدة لوقف التمويل للمركز الفلسطيني، إذ نلمس التجاوب مع سياسات وطلبات «إسرائيل» المتعلقة بالسياسة الخارجية في قضايا كان مفهوماً ضمناً مناهضة المجتمع الدولي لها»، على حد زعمه.
وكانت الضغوط الصهيونية قد طالت النرويج قبل الأمم المتحدة، حيث اضطرت أوسلو إلى التخلي عن دعم المركز الذي أبدت حماساً لتمويله في بادئ الأمر من دون أن يشكل اسم دلال المغربي أي مشكلة لها، باعتباره يقوم بأعمال تطوعية ودورات تثقيفية للشباب والنساء ولا يوجد له أي علاقة تنظيمية مع الفصائل، حتى جاءت الشروحات الصهيونية الهادفة ليس فقط إلى تشويه العلاقة الفلسطينية مع النرويج، بل مع كل الدول والشعوب الأوروبية، التي باتت أكثر تفهماً وتأييداً للقضية الفلسطينية.

younis898@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى