قضايا ودراسات

رسالة إدانة الاحتلال

علي قباجه

رسالة ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز التي كُشف عنها مؤخراً، تُعَبِّرُ عن مدى فهم الغرب لطبيعة الصراع، وإدراكه للحق الفلسطيني الذي يواجه باطل «إسرائيل»، وعلمه أن شذاذ آفاق قدموا من شتات العالم ليحلوا مكان شعب تجذَّر في أرضه آلاف السنين. ولكن رغم ذلك، فإن المصالح هي أقوى، وتطغى على كل شيء، لذا فإن بريطانيا اليوم تقدم الدعم اللامحدود لكيان الاحتلال، وكان آخره الاحتفال بوعد بلفور «المشؤوم»، متجاهلة غطرسة الاحتلال وجبروته وحتى توصيات أميرها وتوضيحاته التي كشف فيها عن تغولات الاحتلال.
توقيت الكشف عن رسالة تشارلز الصادرة عام 1986 التي قال فيها إن تدفق اليهود إلى المنطقة ساهم في تفاقم المشكلات، وشدد خلالها على ضرورة «حث الولايات المتحدة على التصدي للوبي اليهودي»، وأكد أن «العرب واليهود هما شعبان ساميّان أساساً، وأن قدوم اليهود الأجانب وخاصة من أوروبا (وبالذات من بولندا) تسبب في أكبر المشكلات التي تعرفها منطقة الشرق الأوسط»، تشكل صفعة للحكومة البريطانية التي فتحت أبوابها لنتنياهو لقرع كؤوس الاحتفال بسرقة فلسطين.
الرسالة واضحة لا لبس فيها في إدانة «إسرائيل»، كما أنها بررت العداء العربي لها، نتيجة سياساتها العنصرية والقتل والتشريد تجاه الفلسطينيين والعرب، وأيضاً دعت الولايات المتحدة إلى صد اللوبي اليهودي والانفكاك عنه لحل الصراع بعدل وإنصاف. وهذا الحديث يتطابق مع الواقع، وقد أنصف تشارلز في رسالته، ولكن يبدو أنه ومع تعاقب الأيام أصبحت بريطانيا نفسها محتلة بشكل كامل من اللوبي الصهيوني الذي تغلغل كالسرطان في أوساطها السياسية، لذا كان من باب أولى على بريطانيا الاستفادة من رسالة أميرها والانفكاك عن أي سطوة تتحكم في أوصالها، والاعتراف بالحق الفلسطيني الذي سلبه الاستعمار الإنجليزي ومنحه لليهود.
يدرك الغرب جيداً أسباب الصراع في المنطقة، ويعلم تمام العلم أن «إسرائيل» غير معنية إطلاقاً في خفض التوتر أو الارتداع، وهذا ما يضع العالم الغربي في دائرة الاتهام، بانحيازه للخطأ في دعم التغوُّل «الإسرائيلي» في كل حدب وصوب. كما أن الرسالة تضع الدبلوماسية العربية أمام مسؤولياتها في استغلالها، للضغط على بريطانيا لوقف تعاطيها مع حكومة نتنياهو، ووقف الدعم لها على المستويات كافة.
الحراك السياسي يلعب في العصر الراهن دوراً بارزاً لتحريك المياه الراكدة لصالح القضية، فالضغط على المستويات كافة هو مطلب مهم، لإجبار «إسرائيل» على التسليم بحقوق الفلسطينيين. اليهود عملوا جاهدين لرفع قضيتهم وحشد الدعم العالمي، ولا بد من اتباع الأسلوب ذاته لمواجهتهم عن طريق إنشاء لوبيات ضاغطة تفضح الاحتلال وممارساته وداعميه.
aliqabajah@gmail.comOriginal Article

زر الذهاب إلى الأعلى