رواتب المعلمين
ابن الديرة
لن يتطور الوضع التعليمي ويحقق النتائج المرجوة منه، وهي كثيرة واستراتيجية قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد، إذا بقي وضع المعلمين على حاله، رواتب متواضعة ، في ظل غلاء فاحش، وأسعار في ارتفاع مستمر، لا تعرف التوقف والهدوء والسكينة، تماماً كجشع المتحكمين فيها ليس له حدود، حتى لو أثر ذلك على الوضع الأمني الاجتماعي فإنهم لا يأبهون، وكل اهتمامهم ينصب على مضاعفة الأرباح بما لا يرضي الله ورسوله، ويشكل خطراً على المجتمع .
أبوظبي تجاوزت هذه المشكلة ورفعت رواتب المعلمين وأعادت استقطاب المعلم المواطن الذي هجر المهنة لأسباب عدة، أبرزها تواضع رواتب المعلمين، بما لا يكفي لتوفير متطلبات المعيشة الأساسية، وليست الكمالية، لكن وزارة التربية والتعليم بقيت مكتوفة الأيدي، وقد يعود ذلك إلى عدم توفر الاعتمادات اللازمة في ميزانيتها، والمدارس الخاصة حدث ولا حرج، والمتابع لأوضاع كثير من معلميها يسمع العجب العجاب، ويستغرب بأية عقلية يفكر أولئك التجار الذين يستثمرون أموالهم في التعليم بهدف جني أرباح وليس الارتقاء بالإنسان وملكاته.
كيف يمكن لنا أن نحارب الدروس الخصوصية عن قناعة والمعلم يتحجج بأنها تعدل راتبه الذي لا يكفيه بضعة أيام من الشهر؟
هو ليس على حق، وفصول التقوية في المدارس شرعية، وحلال، وتدر عائداً، صحيح أنه متواضع ولا يقارن بعوائد الدروس الخصوصية، لكنه بركة وحلال ولا يرهق كاهل رب الأسرة محدود الدخل، لكنه يتحجج بضعف الراتب ليسلك سلوكاً ملتوياً يحقق مصالحه الخاصة على حساب الآخرين.
هناك قول فلنتحقق وفق قناعاتنا من مدى واقعيته، يحاجج بأن القضاة والأطباء أنعم الله عليهم برواتب عالية توفر لهم مستوى معيشياً راقياً، فكيف يحصل المعلمون على رواتب أقل منهم وهم الذين علموهم، وتخرجوا في التعليم العام من تحت أيديهم، ويبجلونهم ويحترمونهم باعتبارهم معلميهم وقدوتهم؟
رغم هذا وذاك، يبقى المعلم محور العملية التعليمية وبدونه تنتفي ولا يكون لها وجود، وبالتالي وطالما أننا شققنا طريقنا نحو المستقبل نبنيه ونؤسس له من الآن بتخريج علماء قادرين على التعامل مع أدوات العصر الحالي والمستقبلي، فيجب أن نرتقي بالوضع المعيشي للمعلم، ليطمئن على حاضره وغده، ويعطي كل ما عنده بحب وإبداع، وليكون أكثر حرصاً على تأدية الأمانة الملقاة على عاتقه بإتقان.
الارتقاء بأوضاع المعلمين سيجد انعكاساً إيجابياً مباشراً على الطلبة، ويزيد من فاعلية العملية التربوية التعليمية وتفاعلاتها الإيجابية، بما يدفع المسيرة خطوات مهمة إلى الأمام نحن أحوج ما نكون إليها بعد إطلاق استراتيجية تطوير التعليم، ومبادرة الاستثمار في التعليم بمليارات الدراهم، وسيجد صداه حتى لدى الأسر التي لها أبناء في المدارس والتي ستسعد بالتحولات الإيجابية التي ستظهر على أبنائها الطلبة.
ebn-aldeera@alkhaleej.ae