قضايا ودراسات

سوريا بين الحل والتصعيد

يونس السيد
على الرغم من انعقاد 6 مؤتمرات في جنيف، و5 جولات من محادثات أستانة، سعياً وراء إيجاد حل للأزمة السورية، إلا أن كل هذه الجولات لم تسفر عن شيء لحل هذا الصراع الذي اتفق على أنه سياسي، لكنه ظل يرزح ما بين التجاذب السياسي والتصعيد العسكري، بانتظار أن يتم التوصل إلى توافق دولي وإقليمي حول التسوية المنتظرة.
يعول الكثيرون على اللقاء المنتظر بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين في ألمانيا، حيث الملف السوري من بين مجموعة من القضايا الثنائية والدولية الشائكة، مدرج على جدول الأعمال. ولكن المقدمات التي سبقت هذا اللقاء لا تشي بإمكانية حدوث انفراجة، أو التوصل إلى صفقة في هذا الملف، لأسباب كثيرة، إلا إذا كان هناك في خلفية المشهد ما يشير إلى غير ذلك، كما يستدل من التسريبات التي تحدثت عن لقاء جرى في موسكو مؤخراً، بين بوتين ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، وما تردد عن بحث العلاقات الاستراتيجية بين البلدين. وعلى العموم، هناك من الصقور الأمريكيين من لا يريد المصالحة مع موسكو على خلفية ما يقال عن تدخلها في الانتخابات الأمريكية، أو التعامل معها من موقع القطب المنافس في الساحة الدولية، بل على العكس يريد إخضاعها لمنطق تفرد واشنطن في قيادة هذه الساحة، وبالتالي فهو معني بالتصعيد مع روسيا، رغم المخاوف من أن يؤدي ذلك إلى انزلاقات خطرة نحو الصدام بين الجانبين. ملامح هذا التصعيد الخطر ظهرت بوضوح في التهديد الأمريكي بتدفيع النظام السوري «ثمناً باهظاً» إذا استخدم «الكيماوي» قبل أن تتراجع «البنتاجون» سريعاً بالقول إن النظام أخذ التهديد على محمل الجد، لكنه في الحقيقة كان موجهاً ضد حلفاء النظام، روسيا وإيران، كما عبرت عن ذلك صراحة نيكي هايلي المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة. وكان سبق ذلك إسقاط القوات الأمريكية مقاتلة «سوخوي 22» للنظام، وطائرة مسيرة لقوات تدعمها إيران في صحراء التنف، وعززت واشنطن قواتها قرب الحدود السورية- العراقية- الأردنية بمنظومات صاروخية متطورة، كما عززت قواتها البحرية وأرسلت حاملة طائرات إلى المنطقة.
وبالمقابل، علقت موسكو معها اتفاق التعاون والتنسيق حول الأجواء السورية، وهددت بإسقاط أي طائرة للتحالف في المنطقة الواقعة غربي نهر الفرات، وأبلغت «البنتاجون» أنها فعلت منظوماتها للرصد والدفاع الجوي.
ماذا يعني كل ذلك، وهل يمكن للقاء ترامب – بوتين أن يحدث مفاجأة تمهد لتحولات جدية في المنطقة والعالم؟ إذ من المعروف، أن الرجلين لا يتعاملان مع القضايا السياسية بالطرق التقليدية.. قد يكون هناك عقلاء في الجانبين يعملون على احتواء التوترات والانزلاقات الخطرة، ولكن بات واضحاً أن أي حل للأزمة السورية لن يكون بأيدي السوريين أنفسهم، سواء في النظام، أو المعارضة.

younis898@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى