قضايا ودراسات

صراع الحضارات أم حوارها؟

خيري منصور
رغم أن صاحب أطروحة «صراع الحضارات» صموئيل هنتنغتون نقد نفسه وراجع بعض مواقفه في مقالة نشرت في مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية، إلا أن اسمه ظل مقترناً بتلك الأطروحة سيئة السمعة، فهل صدقت نبوءته أم أن الحضارات الآن تستبدل الصراع بالحوار والتآكل بالتكامل؟
هذا السؤال تجيب عنه حراكات ثقافية ودبلوماسية في عالمنا، بعد أن اتضح أن الصراع الآن هو بين الحضارات بمجملها والإرهاب الذي يستهدفها، سواء كان ذلك من خلال الندوات المتعاقبة في مختلف عواصم العالم حول حوار الأديان أو عبر أنشطة أكاديمية وفكرية تبحث عن المشترك الإنساني، وتحاول من خلاله مواجهة أخطار منها: تحولات المناخ، وظهور تيارات متطرفة، إضافة إلى ما يهدد اللون الأخضر في تضاريس كوكبنا من هشيم التصحر، وانتهاك البيئة.
وكان روجيه جارودي قد أصدر كتاباً بعنوان: «حوار الحضارات» قبل صدور كتاب هنتنغتون عن صراع الحضارات، وقدم شواهد وأمثلة منها ما يتعلق بالحضارة العربية الإسلامية، التي اتسعت لكل الأعراق والعقائد، وكانت على امتداد القرون ذات مفاعيل استيعابية وغير طاردة!
إن نقل الحضارات بمختلف تجلياتها العلمية والفكرية من الصراع إلى الحوار يتطلب جهداً مشتركاً يساهم فيه الجميع؛ لأن تيارات الانكفاء والانغلاق تواصل حربها ضد الانفتاح على الآخر، وتسعى إلى أن تسد الآفاق!
وما أنجز حتى الآن من خطوات على طريق الحوار قد لا يكون كبيراً أو حاسماً؛ لكنه يبشر بانتصار الحوار على الصراع، بعد أن أدرك الناس جميعاً أن لهم أعداء مشتركين سواء من الطبيعة كالكوارث والزلازل وما يسميه «روبرت كوبلان» انتقام الجغرافيا، أو من البشر أنفسهم كدعاة العنف ممن يحتكرون الحقائق، ويغذون ثقافة الكراهية والإقصاء!
لقد أصبحت الحضارات أقرب إلى الحوار والتكامل، بفضل من يكدحون على مدار الساعة من أجل حياة أفضل وكوكب أنظف!
والأرجح أن الحضارات الجديرة بهذا الوصف لا تتصارع إلا مع مضاداتها من ظواهر العنف والتوحش، ونحن الآن نعيش مثل هذا الصراع على نحو غير مسبوق!Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى