صفعة القرن
عبد اللطيف الزبيدي
لماذا اختيرت كلمة «صفقة» في شعار «صفقة القرن»؟ سندع الجذر الثلاثيّ جانباً، لأنه لا يبشّر بخير، فالصفق في لغتنا هو الضرب الذي يُسمع له صوت: صفق وجهه أي صفعه، صفق الباب، أغلقه بعنف. الصفاقة، الوقاحة، أصفق العدى عليه، اجتمعوا عليه (العالم العربيّ نموذجاً)، ومنه التصفيق الذي لا يدل على رجاحة عقل في أغلب الأحيان في الحياة السياسية والأوساط الفنية العربية.
الصفقة في مجال التجارة هي في صميم الثلاثيّ الأصليّ في الاشتقاق. كان البائع والشاري عند الاتفاق على البيعة يصفق كلاهما يد الآخر تعبيراً عن التراضي والإتمام والإبرام. هنا مربط المسألة لإطلاق السؤال: هل القضية الفلسطينية العربية بضاعة لها بائع ولها مشترٍ؟ لا علينا بما إذا كان المراقبون شهود عدل أم شهود زور تاريخي. القصة الغريبة هي التجارة الاستغبائية للنظام العربيّ وشعوبه جميعاً، للعقل العربيّ الغائب المغيّب على الدوام. تراجيكوميديا لا مثيل لها. لنأخذ الموضوع من الزاوية التجارية المحضة: حصة الفلسطينيين من الجغرافيا السليبة حددها قرار التقسيم. الاحتلال والقضم المتواصل نهشا النصيب فتقلص إلى حدود 67. توهم أولو الأمر أنهم فاوضوا الغاصبين أكثر من عقدين، بينما السخرية الفاقعة هي أنهم كانوا يتفاوضون على مساحة تتناقص بالمستوطنات كل يوم، إلى أن وصلت اليوم إلى كاريكاتور خريطة مبعثرة متناثرة، فما هي صفقة القرن؟ هي دولة قابلة للحياة، بلا سلاح، لا حقّ لأهل الشتات في العودة إليها، وفوق البيع بلا ثمن، على كل الأنظمة العربية أن تدفع ثمن التطبيع. عاشت العربية: هذه الصفقة ضربة سيُسمع لها صوت وصدى على مدى التاريخ العربيّ الآتي. أمع «أرباب التجارة» يحاول العرب تحقيق الأرباح والفوائد؟ مصائب عُرْبٍ عند «يهوا» فوائد.
تجارياً أيضاً، الصفقة تعني أن الطرفين «رابح – رابح»، فما هو هذا الفوز العظيم الذي سيكلل هامة المسؤولين الفلسطينيين إذا تحققت «الضربة التي لها صوت»؟ لا شك في أنهم أعدوا لها الرقصات والأناشيد احتفالاً بالانتصارات والإنجازات. لا بد من مشاركة الجوقات الفولكلورية من كل البلاد العربية.
لزوم ما يلزم: النتيجة الاقتصادية: «صفقة القرن» مفهوم تجاريّ جديد، بين رابح مطلقاً وأربعمئة مليون خاسر.
abuzzabaed@gmail.com