قضايا ودراسات

صلاحيات المناطق

هشام صافي

قلصت وزارة التربية والتعليم الصلاحيات التي تتمتع بها 6 مناطق تعليمية تتبعها مباشرة وهي مناطق دبي والشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة ورأس الخيمة التعليمية، وحصرتها في الرقابة ومراكز سعادة المتعاملين، ولم يكن اتجاه التقليص حاسماً، بمعنى هل إنه يستهدف تعزيز المركزية في إدارة العملية التربوية التعليمية، لتضع الوزارة كل الأوراق بين أيديها، أم الهدف منه دعم صلاحيات المستوى التنظيمي الأول، القاعدة، وهو الإدارة المدرسية، ولكل اتجاه منهما ما يقال فيه بموضوعية، وشفافية تتنزه عن الغرض والمصلحة الخاصة.
فالجميع متفقون على تقديم أحسن ما بالإمكان لصالح بناء وتنشئة أجيال جديدة متعاقبة من أبنائنا الطلاب، قادرة أن تعيش عصرها في سلام نفسي مع الذات والآخرين، ولديها الامكانات للتعامل مع التكنولوجيا ومنتجاتها بكفاءة عالية، كنتيجة طبيعية لرقي مخرجات التعليم العام والجامعي تباعاً، ولحرص الدولة على أن يكون الاستثمار في شبابها على رأس قائمة الأولويات وفي مقدمة الاهتمامات دائما من دون استثناء.
تجارب الدول الأكثر نجاحاً وتقدماً في المسيرة التعليمية تؤكد أنها لجأت إلى تقليل مركزية الإدارة، ومنحت المدارس مزيداً من الصلاحيات الإدارية والاستقلالية، فحققت نجاحاً مشهوداً كما تفرز تجاربها وواقعها الميداني المعاش، شمل مخرجاتها ومجتمعاتها المعرفية، بما انعكس لاحقا على ارتفاع مستويات الطلاب علمياً ومهارياً وسلوكياً، لأن من الطبيعي أن الرقي العلمي يهذب الأخلاق ويسمو بها.
المدارس هي الميدان التربوي، بين جدرانه وفي ساحاته وداخل فصوله تمارس العملية التربوية التعليمية، والميدان هو خير محك لكل النظريات والأفكار والاقتراحات على اختلاف منابعها وأهدافها ومآلاتها، وبالتالي، فهو الأقرب والأجدر والأكثر تهيئة للممارسة والاستثمار الإيجابي في الطالب، وفي كل الأحوال فهو لا يغيب عن أعين الرقابة المركزية في الوزارة، حيث تصب النتائج، وتستخلص الدروس والعبر وتتخذ القرارات لمصلحة المجتمع المدرسي والمسيرة التعليمية الشاملة معا.
وبذلك، فإن الإدارة المدرسية تكون مسؤولة بالتمام والكمال عن العملية التعليمية المتكاملة، بما يسحب جزءاً من صلاحيات ومهام المناطق التعليمية والإدارة المركزية، التي بموجب هذا الاتجاه تتفرغ تماماً للأهداف الاستراتيجية الكبرى، التي تتمثل في الارتقاء بالتعليم وتجويده وتطويره باستمرار، وتوفير سبل تمويله ومقومات إبداعه وتميزه، باعتباره المشروع الأكبر للدولة، ونجاح كل قائم وآت يعتمد في كل المراحل عليه متى توفرت الإرادة والتصميم على الإنجاز.
نحن كما العالم نميل إلى التخفيف من المركزية لصالح نمو صلاحيات الوحدات الإنتاجية، القاعدة، فالمركز لديه الرؤية العامة والأقرب إلى الصواب، وبين يديه كل الأوراق، فيخطط ويتدبر الأمور ويهيئ السبل، والميدان بتوفر الإمكانات والصلاحيات يبدع وينتج بفاعلية ورقي غير مسبوق، مهتدياً بفكر المركز، ومستفيداً من ثراء واقعه وتنوعه وحجم تفاعلاته الكبير.
وما دمنا قلصنا صلاحيات المناطق التعليمية، فليكن شعارنا المرفوع: مزيداً من الصلاحيات للميدان التربوي، والرقابة الإيجابية عليه.

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى