قضايا ودراسات

عائلة «هارفي» و«إيرما»

ليس صحيحاً القول إن لكل إنسان من اسمه نصيباً، فثمة بخلاء يحملون أسماء مشتقة من الكرم، وجبناء يحملون أسماء ذات دلالات على الشجاعة. والزوجان الأمريكيان «هارفي» و«إيرما» ليسا إعصارين مدمرين أدى أحدهما إلى تهجير ستة ملايين إنسان، إنهما بشر كسائر الناس، لكن المصادفة شاءت أن يحملا اسمين ارتبطا إلى الأبد بكوارث طبيعية.

ومن يدري، لعل هناك رجلاً في إيطاليا أو اليونان يحمل اسم فيزوف لكنه ليس بركاناً؛ بل هو إنسان عادي وله شهيقه وزفيره ككل الناس بعكس زفير فيزوف، الذي قد يشعل النار في مساحات شاسعة من الأرض.
والإنسان لا يختار اسمه أو لونه أو حتى نسبه، لكن هناك من يحبون أسماءهم مقابل آخرين لا يحبونها، وقد لا يعرف عشاق الشاعر الكبير محمود درويش أنه لم يكن يحب اسمه، واذكر أنه قال لي ذات يوم إن اسم محمود يشبه السرير أو التابوت لخلوه من حرف الألف!
فهل يغير الزوجان الأمريكيان «هارفي وإيرما» اسميهما بعد أن اقترنا بكوارث لا تنسى؟
وأحياناً يتورط بعض المواليد بأسماء ذات علاقة بمشاهير عصرهم، وهناك على سبيل المثال من حمل اسم ستالين ولينين وأدولف أيضاً في الحرب الثانية، كما أن العديد من الأطفال العرب حملوا أسماء زعماء انتهوا إلى مصائر بائسة!
كما أن من تورط باسم من طراز هيروشيما أو ناجازاكي في اليابان سيبقى يثير الفزع لمن يسمع اسمه، والعرب من الشعوب القليلة التي وظفت الأسماء لدلالات نفسية واجتماعية، ومنها أسماء بالغة الخشونة درءاً للحسد، أو طلباً للرحمة كاسم الشحاذ أو المسكين!
أما أطرف ما يمكن قوله حول هذه الحكاية، فهو ما يسمعه أبناء «هارفي وإيرما» من وسائل الإعلام عن الإعصارين، وهم بالتأكيد لن يشكوا للحظة بأن الأب الطيب والأم الهادئة قد تسببا بكل هذا الدمار والتشريد!
خيري منصور

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى